[54]

والنظر في الأكوان، ولو أنكم نظرتم إلى شيء من هذا لعلمتم أن كل ذلك من دينكم، وأنتم عنه غافلون.

وقرأ ابن عباس وأبو عمران الجوني (?): {زُبُرًا} بضم الزاي وفتح الباء. وقرأ أبو الجوزاء وابن السميقع: {زبرًا} بضم الزاي وإسكان الباء. قال الزجاج: من قرأ {زبرًا} بضم الباء، فتأويله جعلوا دينهم كتبًا مختلفةً، جمع زبور. ومن قرأه: {زبرًا} بفتح الباء أراد قطعًا كقطع الحديد.

54 - وبعد (?) أن ذكر سبحانه ما حدث من أمم أولئك الأنبياء، من التفرق والانقسام فيما كان يجب عليهم فيه اتفاق الكلمة، ومن فرحهم بما فعلوا .. أمر نبيه أن يتركهم في جهلهم الذي لا جهل فوقه؛ لأنه لا ينجع فيهم النصح، ولا يجدي فيهم الإرشاد، فقال: {فَذَرْهُمْ} والفاء فيه فصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت يا محمد تقطعهم في أمرهم، وفرحهم بما هم عليه من الأديان الباطلة، وأردت بيان ما هو الأصلح لك، فأقول لك: أترك هؤلاء الكفرة المتفرقة {فِي غَمْرَتِهِمْ}؛ أي: على غيهم وضلالهم، ولا تشغل قلبك بهم، وبتفرقهم {حَتَّى حِينٍ}؛ أي: إلى حين قتلهم أو موتهم على الكفر، أو نزول العذاب بهم، فهو وعيد لهم بعذاب الدنيا والآخرة، وتسلية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونهي له عن الاستعجال بعذابهم، والجزع من تأخيره، فالآية خرجت مخرج التهديد لهم، لا مخرج الأمر له - صلى الله عليه وسلم -، شبه سبحانه ما هم فيه من الجهالة بالماء الذي يغمر القامة ويسترها؛ لأنهم مغمورون فيها لا عيون لها، والمعنى: اتركهم في جهلهم، فليسوا بأهل للهداية ولا يضق صدرك بتأخير العذاب عنهم، فلكل شيء أجل معلوم.

ونحو الآية قوله: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)} وقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}.

وقرأ الجمهور: {في غمرتهم}، وعلي بن أبي طالب وأبو حيوة والسلمي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015