[47]

إرسال بني إسرائيل بآرائهم، لا بآراء أعقابهم {فَاسْتَكْبَرُوا}؛ أي: فاستكبر فرعون وملؤه عن الإيمان والمتابعة لهما؛ أي: امتنعوا عن قبول الإيمان تكبّرًا وعنادًا، وأعظم الكبر أن يتهاون العبيد بآيات ربهم وبرسالاته بعد وضوحها، وانتفاء الشك عنها، ويتعظموا عن امتثالها وقبولها.

{وَكَانُوا}؛ أي: وكان فرعون وملؤه {قَوْمًا عَالِينَ}؛ أي: متكبرين مجاوزين للحد في الكبر والطغيان؛ أي: كانوا قومًا عادتهم الاستكبار والتمرد، أو قاهرين للناس بالبغي والتطاول عليهم.

والمعنى: أي ثم (?) أرسلنا بعد الرسل الذين تقدم ذكرهم من قبل موسى وأخاه هارون، إلى فرعون وأشراف قومه من القبط بالآيات والحجج الدامغة والبراهين القاطعة، فاستكبروا عن اتباعهما، والانقياد لما أمروا به .. ودعوا إليه من الإيمان, وترك تعذيب بني إسرائيل، كما جاء في سورة النازعات: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)}. وقد كان من دأبهم العتو والبغي على الناس، وظلمهم كبرًا وعلوًا في الأرض.

47 - ثم ذكر ما استتبعه هذا العتو والجبروت بقوله: {فَقَالُوا} عطف على استكبروا، وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبار؛ أي: قال فرعون وملؤه فيما بينهم على طريق المناصحة {أَنُؤْمِنُ} الهمزة فيه للإنكار بمعنى لا نؤمن، وما ينبغي أن يصدر منا الإيمان {لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} يعنون موسى وهارون، وصف بالمثل الاثنان؛ لأنه في حكم المصدر العام للإفراد والتثنية والجمع المذكر والمؤنث، {وَقَوْمُهُمَا} يعنون بني إسرائيل {لَنَا} متعلقة بقوله: {عَابِدُونَ} قدمت عليه لرعاية الفاصلة، والجملة حال من فاعل نؤمن؛ أي: خادمون منقادون لنا كالعبيد، وكأنهم قصدوا بذلك التعرض لشأنهما، وحط رتبتهما العلية عن منصب الرسالة، من وجه آخر غير البشرية.

قال المبرد: العابد: المطيع الخاضع. قال أبو عبيدة: العرب تسمي كل من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015