[41]

بعد زمان قليل {لَيُصْبِحُنَّ}؛ أي: وعزتي وجلالي ليصيرن؛ أي: الكفار المكذبين {نَادِمِينَ} على ما وقع منهم من التكذيب والعناد، والإصرار على الكفر، وذلك عند معاينتهم العذاب و {ما} في قوله: {عَمَّا قَلِيلٍ} مزيدة بين الجار والمجرور تأكيدًا لقلة الزمان، كما في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}.

41 - {فَأَخَذَتْهُمُ}؛ أي: فأهلكتهم {الصَّيْحَةُ}؛ أي: صيحة جبريل صاح عليهم صيحة هائلة، تصدعت منها قلوبهم فماتوا. والصيحة رفع الصوت، فإن قلت (?): هذا يدل على أن المراد بالقرن، المذكور في صدر القصة، ثمود قوم صالح، فإن عادا أهلكوا بالريح العقيم.

قلت: لعلهم حين أصابتهم الريح العقيم، فأصيبوا في تضاعفها بصيحة هائلة أيضًا، كما كان عذاب قوم لوط بالقلب والصيحة.

وقد روي أن شداد بن عاد حين أتم بناء إرم، سار إليها بأهله، فلم دنا منها، بعث الله عليهم صيحة من السماء، فهلكوا. وقيل: المراد بالصيحة هنا نفس العذاب والموت. وفي "الجلالين" صيحة العذاب والهلاك. والباء في قوله: {بِالْحَقّ} متعلقة بأخذتهم؛ أي: أخذتهم (?) الصيحة بالوجه الثابت، الذي لا دافع له، أو بالعدل من الله سبحانه، كقولك فلان يقضي بالحق، أو بالوعد الصدق، والمراد: حاق بهم عذابه، ونزل عليهم سخطه بالوعد الصدق، وبالأمر المبرم من الله تعالى، ثم أخبر سبحانه عما صاروا إليه بعد العذاب النازل بهم، فقال: {فَجَعَلْنَاهُم}؛ أي: فصيرنا أولئك المكذبين لهود {غُثَاءً}؛ أي: كغثاء السيل الذي يحتمله ولا ينتفع به، والغثاء: هو كل ما يحمله السيل على ظاهر الماء، من الزبد والورق والعيدان، وبالي الشجر والحشيش، والمعنى: صيرهم هلكى، فيبسوا كما يبس الغثاء، كقولك: سال به الوادي، لمن هلك. {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}؛ أي: بعد الظالمون من رحمة الله بعدًا، وطردوا منها طردًا؛ أي: هلكوا. والمعنى: ألزمنا بعدًا من الرحمة للقوم الظالمين. وهذه الجملة تحتمل الإخبار والدعاء، وهو من المصادر التي لا يذكر فعلها معها. واللام لبيان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015