[26]

[27]

وإرادته التفضيل عليهم، من كانت لأجل أو يَتبين فضله حتى ينقادوا، فلا ضير في ذلك، بل هو واجب، وإن أرادوا أنه يبغي التجبر عليهم فالأنبياء منزهون عز ذلك، وقولهم: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} اعتناق للتقليد، وهو لا يصلح حجة تدفع بها يحيى المعارضين الواضحة، وضوح الشمس في رائعة النهار، وقولهم: {بِهِ جِنَّةٌ} كذب صراح؛ لأنهم يعلمون ذكاءه وعظيم فطنته، وما أوتيه أو أصالة الرأي وثاقب الفكر.

26 - ولما استبان لنوح إصرارهم على ضلالتهم، وتماديهم في غيهم، وبأسه أو إيمانهم، وأوحي إليه أنه لن يؤمن أو قومك، إلا أو قد آمن .. طلب إلى ربه أو ينصره عليهم، و {قَالَ} نوح يا رب {رَبِّ انْصُرْنِي} عليهم فانتقم منهم بما تشاء، وكيف تريد، والباء في قوله: {بِمَا كَذَّبُونِ}؛ في: بسبب تكذيبهم إياي؛ في: رب انصرني بإنجاز ما أوعدتهم به أو العذاب، بقولي: إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، وقال الزمخشري (?): في بدل (ما كذبون) على أو الباء للبدل، كما تقول: هذا بذاك؛ في: بدل ذاك ومكانه.

والمعنى: أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصر عليهم. وقرأ أبي جعفر وابن محيصن {قَالَ رَبِّ} بضم الباء.

27 - وقد أجاب الله سبحانه دعاءه فقال: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} عند ذلك؛ في: فأعلمناه في خفاء فإن الإيحاء والوحي، إعلام في خفاء {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} واعملها، (أن) مفسّرة لما في الوحي أو معنى القول، والصنع إجادة الفعل؛ أي: فقلنا له، بين استنصرنا على كفرة قومه، بواسطة جبريل: اصنع السفينة، واعملها حالة كونك متلبسًا {بِأَعْيُنِنَا} وحفظنا ورعايتنا، نحفظك من أن تخطىء في صنعته، أيُّ يفسده عليك مفسد، يقال: فلان بعيني؛ في: أحفظه وأراعيه، كقولك: هو منى بمرأى ومسمع {وَ} ملتبسًا بـ {وَحْيِنَا}؛ في: بأمرنا وتعليمنا إياك، كيفية صنعها، فإن الله أرسل إليه جبريل، فعلمه صنعتها وصنعها في عامين، وجعل طولها ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين، وارتفاعها ثلاثين ذراعًا، والذراع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015