وخبره {لَكُمْ} و {مِنْ} زائدة. وقرأ الكسائي بالجر، لـ {غَيْرُهُ}، اعتبارًا للفظ إله، والمعنى (?)؛ أي: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه، منذرًا لهم عذاب الله، وشديد بأسه وانتقامه على إشراكهم به، وتكذيب رسوله، فقال لهم متعطفًا عليهم مستميلًا لهم لقبول الحق، يا قوم اعبدوا الله وحده، وأطيعوه ولا تشركوا معه ربًا سواه، فإنه لا رب لكم غيره، ولا معبود لكم سواه.
والهمزة في قوله: {أَفَلَا تَتَّقُونَ}؛ لإنكار الواقع، واستقباحه، داخلة على محذوف يستدعيه المقام، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألا تعرفون ذلك؛ أي: مضمون قوله: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، فلا تتقون ولا تخافون عذابه، بسبب إشراككم به، في العبادة ما لا يستحق الوجود، لولا إيجاد الله إياه، فضلًا عن استحقاق العبادة، فالمنكر عدم الاتقاء مع تحقيق ما يوجبه.
والخلاصة: أي أفلا تخشون عقابه فتحذروا أن تعبدوا معه سواه.
24 - {فَقَالَ الْمَلَأُ}؛ أي: الأشراف والسادة {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}؛ أي: من قوم نوح؛ أي (?): قالوا لعوامهم مبالغةً في وضع الرتبة العالية، وحطها عن منصب النبوة: {مَا هَذَا} الشيخ يعنون نوحًا {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}؛ أي: في الجنس والوصف من غير فرق بينكم وبينه {يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ} ويتشرف {عَلَيْكُمْ} ويتقدمكم بادعاء الرسالة، مع كونه مثلكم؛ أي: يطلب أن يتشرف عليكم، فيكون أفضل منكم؛ بأن يكون متبوعًا، وتكونوا له تبعًا، وصفوه بذلك إغضابًا للمخاطبين عليه، وإغراءً على معاداته، والمعنى؛ أي (?): فقال أشراف قومه ورؤساؤهم من العريقين في الكفر ومن ذوي الكلمة المسموعة والرأي المطاع: ما نوح إلا رجل منكم، ليس له ميزة عليكم في فضل، ولا خلق، فيكون أهلًا للنبوة، وتلقي الوحي من ربه، وما هو إلا رجل يريد أن يسودكم، ويكون له الصولة والسلطان عليكم، وقد ادعى الرسالة؛ ليصل إلى ما تصبو إليه نفسه،