[40]

والمعنى (?): لو علموا الوقت الذي يستعجلونه بقولهم: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ}، وهو حين تحيط بهم النار من كل جانب، بحيث لا يقدرون على دفعها، ولا يجدون ناصرًا يمنعها عنهم .. لما استعجلوا. وتخصيص الوجوه والظهور، يعني: القدام والخلف، لكونهما أشرف الجوانب، ولاستلزام الإحاطة بهما الإحاطة بالكل، بحيث لا يقدرون على دفعها أو جانب أو جوانبهم، ولأن مسّ العذاب لهما أعظم موقعًا.

والخلاصة: أي (?) لو يعلم هؤلاء الكفار المستعجلون، ماذا أعدّ لهم ربهم من البلاء، حين تلفح وجوههم النار، وهم فيها كالحون، فلا يستطيعون ردّها عن تلك الوجوه، ولا يدفعونها بأنفسهم عن الظهور، ولا يجدون ناصرًا ينصرهم وينقذهم من ذلك العذاب، لما أقاموا على كفرهم بربهم، ولسارعوا إلى التوبة منه، ولما استعجلوا لأنفسهم هذا النكال والوبال.

40 - ولمّا بيّن شدة العذاب في ذلك اليوم، بيّن أن ثقته لا يكون معلومًا فقال: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً} وهذا الكلام إضراب (?) انتقالي، حكى الله عنهم أنهم يستعجلون العذاب الموعود بقوله: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ}، وبين أن سبب ذلك الاستعجال هو عدم علمهم بهول وقت وقوعه، وما فيه من العذاب الشديد، ثم أضرب وانتقل من بيان السبب إلى بيان كيفية وقوع الموعود، فقال: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً}؛ أي: بل تأتيهم العدة، أو النار، أو الساعة بغتة؛ أي؛ فجأة. والبغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب. وهو مصدر؛ لأن البغتة نوع من الإتيان، أو حال؛ أي: باغتة {فَتَبْهَتُهُمْ}؛ أي: تحيّرهم. والبهت الحيرة والدهشة. وقال الجوهري: بهته بهتًا أخذه بغتةً؛ أي: فتفجؤهم. قال الإمام: وإنما لم يُعلم الله وقت الموت والساعة؛ لأن المرء مع الكتمان أشدُّ حذرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015