[34]

الخاتم في الخاتم، قال في "شرح التقويم": كل واحد من الكوكب مركوز في فلك مغرق فيه، كالكرة المنغمسة في الماء، لا كالسمك فيه. والأفلاك متحركة بالإرادة من المشرق إلى المغرب، والكواكب بالعرض. وقال بعضهم، أخذًا بظاهر الآية: إن الفلك موج مكفوف، من السيلان دون السماء، تجري فيه الشمس والقمر، كما تسبح السمكة في الماء.

والحق، أنه لا سبيل إلى معرفة صفة السموات؛ إلَّا بإخبار الصادق المصدوق، ولم يرد منه نص في بيان ذلك، والأسلم الإمساك عن البحث فيها، إلّا بما ورد النص فيه، فسبحان الخالق المدبّر لخلقه، بالحكمة البالغة، والقدرة الباهرة، غير المتناهية.

والمعنى (?): أي والله خلق لكم الليل والنهار، نعمة منه عليكم، وحجة على عظيم سلطانه، فهما يختلفان عليكم، لصلاح معايشكم وأمور دنياكم وآخرتكم، وخلق الأرض والشمس والقمر، تجري في أفلاكها كما يجري السمك في الماء.

وهذا هو الرأي الحديث، وأن هذه كلها تجري في عالم الأثير، المالىء لهذا الفضاء، فالشمس تجري، والأرض تجري، والقمر يجري، وبينها هذه المخلوقات الحية، فما مثل هذه العوالم، إلا كآلة الطباعة، والمخلوقات كلماتها وسطورها، أو كدار صناعة تخرج كل يوم منصوعات جديدة، بعد فناء القديمة وزوالها.

34 - {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} والبقاء والدوام في الدنيا، لكونه مخالفًا للحكمة التكوينية والتشريعية، كما في "أبي السعود"؛ أي (?): وما جعلنا لفرد من أفراد الإنسان من قبلك، يا محمد، دوام البقاء في الدنيا؛ أي: ليس من سنتنا أن نخلد آدميًا في الدنيا، ان كنا قادرين على تخليده، فلا أحد إلَّا وهو عرضة للموت. قال في "بحر العلوم": المراد بالخلود: المكث الطويل، سواء كان معه دوام أم لا, اهـ. فإذا كان الأمر كذلك {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} في الدنيا بقدرتنا، لا بل أنت وهم ميتون، كما هو من سنتنا، دليله قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015