قطر، ومن إقليم إلى آخر، ليهتدوا بذلك إلى مصالحهم، ومهام أمورهم المعيشية.
32 - والخامس: ما ذكره بقوله: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا} سميت سقفًا لأنها للأرض كالسقف {مَحْفُوظًا} من أن يقع ويسقط على الأرض كقوله: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ}، وقال الفراء (?): {مَحْفُوظًا} من الشياطين بالشهب كقوله: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)}، وقيل: محفوظاً لا يحتاج إلى عماد. وقيل: المراد بالمحفوظ هنا المرفوع. وقيل: مَحْفُوظاً من الشرك والمعاصي. وقيل: مَحْفُوظاً عن الهدم والنقض {وَهُمْ}؛ أي: الكفار {عَنْ آيَاتِهَا}؛ أي: عن الأدلة الواضحة التي خلقها الله تعالى فيها، وجعلها علاماتٍ نيّرةً على وجوده ووحدته وكمال صنعه، وعظيم قدرته، وباهر حكمته مثل الشمس والقمر والنجوم {مُعْرِضُونَ} غير متفكرين، ولا متدبرين فيها فيؤمنون؛ أي (?): معرضون عن أحوالها، وكيفية حركاتها في أفلاكها، ومطالعها ومغاربها، والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة، والقدرة الباهرة، لا يتفكرون ولا يعتبرون بها. وقرأ الجمهور (?): {عَنْ آيَاتِهَا} بالجمع، وقرأ مجاهد وحميد {عَنْ أيَتِهَا} بالإفراد.
والمعنى (?): أي أنه سبحانه وتعالى نظم السماء، وجعلها كالسقف المحفوظ من الاختلال وعدم النظام، فقد حفظت الشموس والكواكب في مداراتها، بحيث لا يختلط بعضها ببعض، ولا يتخبط بعضها في بعض، بل جعلت في أماكنها الخاصة بها بقوة الجاذبية، فالشمس والقمر والكواكب الأخرى متجاذبات حافظات لمداراتها لا تخرج عنها، وإلَّا اختل نظام هذا العالم، وبهذا الحفظ ونظام الدوران كان الليل والنهار، الحادثين من جري الأرض حول الشمس. ونحو الآية قوله: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}.