[6]

رسولًا من الله، فليأتنا بآية جليلة {كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} أي مثل الآية التي أرسل بها الأولون، كاليد، والعصا، وإحياء الموتى، والناقة، ونظائرها حتى نؤمن به، فـ {ما} موصولة، وعائدها محذوف، ومحل الكاف الجرّ على أنها صفة لآية. ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف؛ أي: إتيانًا مثل إرسال الأولين.

والمعنى: أي (?) إن كان صادقًا في أن الله تعالى بعثه رسولًا إلينا، وأن الذي يتلوه وحي أوحاه الله إليه .. فليأتنا بحجة تدل على ما يقول ويدعي كما جاء به الرسل الأولون من قبله، من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والأبرص، وناقة صالح، وما أشبه ذلك من المعجزات التي لا يقدر عليها إلا الله، ولا يأتي بها إلا الأنبياء والرسل، وفي التعبير بقولهم: {كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} بيان كونها آيات مسلَّمات تثبت الرسالة بمثلها، ويترتب عليها المقصود، وليس لأحد أن ينازع فيها.

6 - ثم كذبهم سبحانه فيما تضمنته خاتمة مقالهم من الوعد بالإيمان حين إتيان الآية المقترحة، وبين أن في ترك إجابتهم عما طلبوا إبقاء عليه، فإنهم لو أوتوها، ولم يؤمنوا بها لاستؤصلوا بالعذاب كما هي سنة الله في الأمم السالفة إذا كذبت رسلها بعد إتيانهم بما اقترحوا, ولكن قد سبقت كلمة الله أن مشركي هذه الأمة لا يعذبون بعذاب الاستئصال فقال: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ} أي: قبل مشركي مكة {مِنْ قَرْيَةٍ}؛ أي: أهل قرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس، وهو في محل الرفع على الفاعلية. و {من} مزيدة لتأكيد العموم {أَهْلَكْنَاهَا}؛ أي: بإهلاك أهلها لعدم إيمانهم بعد مجيء ما اقترحوه من الآيات. صفة قرية.

والهمزة في قوله: {أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} للاستفهام الإنكاري (?)، لإنكار الوقوع داخلة على محذوف، و {الفاء} عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: إنه لم تؤمن أمة من الأمم المهلكة عند إعطاء ما اقترحوه من الآيات أفهؤلاء يؤمنون لو أجيبوا إلى ما سئلوا، وأعطوا ما اقترحوا، مع كونهم أعتى منهم وأطغى، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015