[4]

[5]

بصورته، بل بالمعجزة، فإذا ظهر على يد بشر وجب قبوله.

وإنما أسرّوا ذلك لأنه كالتشاور بينهم والتحاور لطلب الطريق الموصل إلى هدم دينه، وإطفاء نور النبوة، وقد جرت عادة المتشاورين في خطب عظيم أن لا يشركوا أعداءهم في مشورتهم، بل يجتهدون في طيّ سرّهم عنهم مَّا استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، كما جاء في أمثالهم: (استعينوا في قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود)

4 - فأطلع الله سبحانه نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما تناجوا به، وأمره الله سبحانه أن يجيب عليهم، فقال: {قل} لهم يا محمد {رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ} سرًّا كان أو جهرًا حال كون ذلك القول {فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} فضلًا عما أسرّوا به، وإذا علم القول علم الفعل؛ أي: قل لهم أيها الرسول: إنكم، وإن أخفيتم قولكم وطعنكم فيَّ فإن ربكم عليم بذلك، وإنه معاقبكم عليه {وَهُوَ السَّمِيعُ} لجميع المسموعات {الْعَلِيمُ} بجميع المعلومات؛ أي: المبالغ في العلم بالمسموعات، والمعلومات التي من جملتها ما أسرّوه من النجوى، فيجازيهم بأقوالهم وأفعالهم. وفي هذا من التهديد، والوعيد، ما لا يخفى، وإنما آثر كلمة {الْقَوْلَ} التي تعمّ السرّ والجهر دون كلمة (السرّ) التي تقدمت في الكلام للإيذان بأن علمه تعالى بالأمرين على وتيرة واحدة، لا تفاوت فيه بالجلاء والخفاء كما في علوم العباد.

وخلاصة ذلك (?): أنه يعلم هذا الضرب من الكلام، وأعلى منه، وأدنى منه، وفي هذا مبالغة في علمه تعالى بكل ما يمكن أن يسمع أو يعلم.

وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وأيوب، وخلف، وابن سعدان، وابن جبير الأنطاكي، وابن جرير (?): {قَالَ رَبِّي} على معنى الخبر عن نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، وكذا في مصاحف الكوفيين. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {قل ربي} على الأمر لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -.

5 - ولمّا ذكر سبحانه وتعالى عنهم أنهم قالوا: إنَّ ما أتى به سحر، ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015