{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ}، أصله: أإطَّلع بفتح الهمزة الاستفهامية وكسر همزة الوصل فحذفت همزة الوصل تخفيفًا وبقيت همزة الاستفهام المفتوحة، واطلع: يتعدى بنفسه كقولهم اطلع الجبل، ويقال: اطلع الأمر، وعليه علمه، ويقال أيضًا: اطلع طلع العدو بكسر الطاء وسكون اللام عرف باطن أمرهم، وقد توهم بعضهم أنه لا يعلى إلا بعلى، فأعرب الغيب بنزع الخافض، وإنما هو من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه، وطلع الثنية: قال جرير:

إِنَّي إِذَا مُضَرٌ عَلَيَّ تَحَدَّثَتْ ... لاَقَيْتُ مُطَّلَعَ الْجِبَالِ وُعُوْرَاً

فمطلع اسم مكان من اطلع المشدد، أصله: اطتلع على بناء الافتعال، فقلبت التاء طاءً وأُدغمت الطاء في الطاء، وهو في البيت نصب على الظرفية، والوعور جمع وعر؛ أي: صعب يريد الشاعر: إذا تقولت عليَّ مضر ما لا أرتضيه، أو حدثتها نفسها بقتلي .. تمرست بالصعاب ولا أُبالي بها {وَنَمُدُّ لَهُ} مضارع مد الشيء يمده من باب نصر: أطاله وبسطه وجذبه ومد الحبل فامتد وهذا ممد الحبل.

فائدة في مبحث كلا: للنحويين في هذه اللفظة ستة مذاهب:

أحدها: وهو مذهب جمهور البصريين كالخليل وسيبويه وأبي الحسن الأخفش وأبي العباس: أنها حرف ردع وزجر وهذا معنى لائق بها، حيث وقعت في القرآن، وما أحسن ما جاءت في هذه الآية زجرت وردت ذلك القائل.

والثاني: وهو مذهب النضر بن شميل: إنها حرف تصديق بمعنى نعم، فتكون جوابًا ولا بد حينئذٍ من أن يتقدمها شيء لفظًا أو تقديرًا وقد تُستعمل في القسم.

والثالث: هو مذهب الكسائي وأبي بكر بن الأنباري ونصر بن يوسف وابن واصل: أنها بمعنى حقًا.

والرابع: وهو مذهب أبي عبد الله الباهلي: أنها رد لما قبلها، وهذا قريب من معنى الردع.

والخامس: أنها صلة في الكلام بمعنى إي كذا قيل، وفيه نظر: فإن إي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015