من شدة الازدحام عند خروجهم، لكثرتهم، وذلك عقب موت الدجال، فينحاز عيسى - عليه السلام - بالمؤمنين إلى جبل الطور فرارًا منهم. وروي: أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه، ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر ومن ظفروا به من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس، ولا يصلون إلى من تحصَّن منهم بورد أو ذكر، ويُحبس نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مئة دينار، فيتوجهون إلى الله تعالى بالدعاء، فيسلط الله تعالى دودًا في أنوفهم أو آذانهم، فيموتون به، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه رممهم ونتنهم فيتوجه نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله تعالى، فيرسل - سبحانه وتعالى - عليهم طيرًا فتلقيهم في البحر، ثم يرسل الله مطرًا يغسل الأرض حتى تصير كالمرآة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الغنم والإبل، حتى إن اللقحة لتكفي الجماعة الكثيرة، فبينما هم كذلك إذ بعث الله تعالى عليهم ريحًا طيبةً، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة.

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} نفخة ثانية للبعث، وهو القرن الذي ينفخ فيه للبعث من القبور، والمراد بالنفخة هنا: النفخة الثانية التي عندها يكون الحشر، بمقتضى الفاء التي بعدها؛ لأن الفاء تشعر بذلك، ولم يذكر النفخة الأولى؛ لأن المقصود هنا ذكر أحوال القيامة.

والمعنى: نفخ إسرافيل في الصور أرواح الخلائق عند استعداد صور الأجساد لقبول الأرواح، كاستعداد الحشيش لقبوله الاشتعال، فتشتعل بأرواحها {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}.

{فَجَمَعْنَاهُمْ}؛ أي: جمعنا يأجوج ومأجوج وغيرهم {جَمْعًا}؛ أي: جمعًا عجيبًا، لم نترك من الملك والإنس والجن والحيوانات أحدًا؛ أي: جمعنا الخلائق بعدما تفرقت أوصالهم وتمزقت أجسادهم في صعيد واحد للحساب والجزاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015