أحدهما: أنه توكيد، من باب إقامة الظاهر مقام المضمر، والحكمة في ذلك، أنه لو قال استطعماها, لم يصح؛ لأنهما لم يستطعما القرية، أو قال استطعماهم، فكذلك لأن جملة استطعما أهلها صفة لقرية.
والثاني: أنه للتأسيس، وذلك أن الأهل المأتيين ليسوا جميع الأهل، وإنما هم البعض، إذ لا يمكن أن يأتيا جميع الأهل في العادة في وقت واحد، فلما ذكر الاستطعام ذكره بالنسبة إلى جميع الأهل، كأنهما تتبعا الأهل واحدًا واحدًا، فلو قيل: استطعماهم، لاحتمل أن يعود الضمير على ذلك البعض المأتي دون غيره، فكرر الأهل لذلك اهـ كرخي.
{أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} أي ينزلوهما أضيافًا يقال: ضافه إذا كان له ضيفًا، وأضافه وضيَّفه أنزله لديه ضيفاً، وأصل ضاف مال، من قولهم ضاف السهم عن الهدف؛ أي: مال عن الغرض، والجمع ضيوف وأضياف وضيفان {جِدَارًا}؛ أي حائطًا {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}؛ أي: يسقط بسرعة، وقد كثر في كلامهم إسناد ما يكون من أفعال العقلاء إلى غيرهم، كما قال الشاعر:
يُرِيْدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبِيْ بَرَاءٍ ... وَيعْدِلُ عَنْ دِمَاءِ بَنِيْ عَقِيْلِ
{فَأَقَامَهُ}؛ أي: مسحه بيده فقام كما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {لَاتَّخَذْتَ} يقرأُ بكسر الخاء مخففة وهو من تخذ يتخذ، إذا عمل شيئًا، ويقرأ بالتشديد وفتح الخاء، وفيه وجهان: أحدهما: هو افتعل من اتخذ، والثاني: أنه من الأخذ، وأصله يتخذ فأبدلت الياء تاء وأدغمت، وأصل الياء الهمزة، ذكره أبو البقاء {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ}؛ أي: سأخبرك ببيان سر ووجه ما فعلت في الأمور الثلاثة.
فائدة: في مباحث الأفعال السبعة التي تنصب ثلاثة مفاعل: الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعل سبعة، وهي: أعلم، وأرى، وأنبا، ونبَّأ، وأخبر، وخبَّر، وحدَّث.
والأصل في هذه الأفعال، أعلم، وأرى، اللَّذان كان أصلهما قبل دخول