يخدمه، ويتبعه، ويتعلم منه، ويسمى الخادم والتلميذ فتى، وإن كان شيخا، وإليه يشير القول المشهور: تعلم يا فتى فالجهل عار.

{لا أَبْرَحُ}: من برح الناقص كزال يزال؛ أي: لا أزال أسير، فحذف الخبر اعتمادًا على قرينة الحال؛ إذ كان ذلك عند التوجه إلى السفر، ويدل عليه أيضًا ذكر السفر في قوله: {لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا} {حَتَّى أَبْلُغَ} وأصل {مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}؛ أي: ملتقى بحر فارس والروم، مما يلي المشرق، وهو المكان الذي وعد الله موسى بلقاء الخضر فيه، والمراد (?) بملتقاهما هنا موضع يقرب التقاؤهما فيه مما يلي المشرق، ويُعطى لما يقرب من الشيء حكم ذلك الشيء ويعبر به عنه، وفيه إشارة إلى أن موسى والخضر عليهما السلام بحران لكثرة علمهما {أَوْ} حتى {أَمْضِيَ} وأسير {حُقُبًا}؛ أي: زمانًا طويلًا، أتيقن معه فوات المطلب، أو أسير ثمانين سنةً، يعني حتى يقع، إما بلوغ المجمع، أو مضي الحقب؛ قال الجوهري: الحقب - بالضم - ثمانون سنةً، وقال النّحّاس: الذي يعرفه أهل اللغة: أن الحقب والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود، كما أن رهطًا وقومًا منهم غير محدود، وجمعه أحقاب، وسبب هذه العزيمة على السير من موسى عليه السلام ما روي أنه سئل موسى من أعلم الناس؟ فقال: أنا، فأوحى الله إليه: أنّ أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين، كما مر في القصة، والمعنى؛ أي (?): واذكر أيها الرسول قصة حين قال موسى بن عمران لفتاه يوشع: لا أزال أمشي حتى أبلغ مكان اجتماع البحرين، أو أسير دهرًا طويلًا.

وخلاصة ذلك: أن الله تعالى أعلم موسى هذا العالم، وما أعلمه موضعه بعينه، فقال: لا أزال أمشي حتى يجتمع البحران، فيصيرا بحرًا واحدًا، أو أمضي دهرًا طويلًا حتى أجده.

ومجمل الأمر: أنّه وطّن نفسه على تحمل التعب الشديد، والعناء العظيم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015