فقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ} استفهام إنكاري مضمن للتوبيخ؛ أي: من أشد ظلمًا {مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ}؛ أي: وعظ بالقرآن الكريم فقوله: {ذُكِّرَ} قد روعي لفظ {من} في خمسة مواضع هذا أولها، وروعي معناها في خمسة أولها: قوله {عَلى قُلُوبِهِمْ}. اهـ شيخنا. {فَأَعْرَضَ عَنْها}؛ أي: فصرف عنها، ولم يتدبرها، ولم يتفكرها {وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ} من الكفر والمعاصي، وتغافل عنها، ولم يتفكر في عاقبتها، ولم ينظر في أن المسيء والمحسن لا بد لهما من جزاء، ولما كان (?) الإنسان يباشر أكثر أعماله بيديه غلّبت الأعمال باليدين على الأعمال التي تباشر بغيرهما، حتى قيل في عمل القلب: هو ممّا عملت يداك، وحتى قيل لمن لا يدين له: ما قدمت يداك، قال بعضهم: أحق الناس تسمية بالظلم من يرى الآيات فلا يعتبر بها، ويرى طريق الخير فيعرض عنها، ويرى مواقع الشر فيتّبعها، ولا يجتنب عنها.

وحاصل المعنى: أي لا أحد أظلم ممن وعظ بآيات الله، ودل بها على سبيل الرشاد، وهدي بها إلى طريق النجاة، فأعرض عنها، ولم يتدبّرها، ولم يتّعظ بها، ونسي ما عمله من الكفر والمعاصي، أي: لم يتفكر في عواقبه، ومن ثم لم يتب منها، ولم ينب إلى ربه.

ثم علل ذلك الإعراض والنسيان بقوله: {إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}؛ أي: أغطية جمع كنان، كأزمّة وزمام كراهية {أَنْ يَفْقَهُوهُ}؛ أي: أن يفقهوا ما ذكر من آيات الله تعالى، وتذكير الضمير وتوحيده باعتبار معنى القرآن، وهو تعليل لإعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم كراهة أن يقفوا على كنه الآيات، أو المعنى: جعلنا على قلوبهم أغطية مانعة من أن يفهموا القرآن فيتبعوه، وتلك الأغطية ما ران على قلوبهم بسبب كفرهم ومعاصيهم {وَ} جعلنا {فِي آذانِهِمْ وَقْرًا}؛ أي: ثقلًا وصممًا يمنعهم عن استماعه، وفيه: إشارة إلى أن أهل اللّغو والهذيان لا يصيخون إلى القرآن.

والمعنى: أي إن (?) ذلك الإعراض منهم بسبب أنّا جعلنا على قلوبهم أغطية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015