وجودهم في الدنيا كقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}، وقولهم: {ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
وقرأ الحسن (?)، والأعرج، والأعمش، وابن أبي ليلى، وخلف، وأيوب، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهاني، وابن جرير، والكوفيون بضم القاف والباء فاحتمل أن يكون بمعنى قبلًا، لأنّ أبا عبيدة حكاهما بمعنى واحد في المقابلة، وأن يكون جمع قبيل كسبيل، وسبل، أي: يجيئهم العذاب أنواعًا، وألوانًا، وقرأ باقي السبعة، ومجاهد، وعيسى بن عمر {قِبلًا} بكسر القاف وفتح الباء، ومعناه عيانا، وقرأ أبو رجاء، والحسن أيضًا بضم القاف وسكون الباء وهو تخفيف {قبل} على لغة تميم، وذكر ابن قتيبة: أنه قرىء بفتحتين، وحكاه الزمخشري، وقال: مستقبلًا، وقرأ أبي بن كعب، وابن غزوان عن طلحة {قَبِيلًا} بفتح القاف، وباء مكسورة بعدها ياء على وزن فعيل.
فحاصل معنى الآية (?): أنهم لا يؤمنون، ولا يستغفرون إلا عند نزول عذاب الدنيا المستأصل لهم، أو عند إتيان أصناف عذاب الآخرة، أو معاينته.
56 - ولما كان مجيء ذلك بيد الله وأمره مفوّض إليه لا إلى الرسول، نبه إلى ذلك بقوله: {وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ} إلى الأمم متلبسين بحال من الأحوال {إِلَّا مُبَشِّرِينَ} للمؤمنين والمطيعين بالثواب، والدرجات {وَمُنْذِرِينَ} للكافرين، والعاصين بالعقاب، والدركات، فإنّ طريق الوصول إلى الأول والحذر عن الثاني مما لا يستقل به العقل، فكان من لطف الله ورحمته أن أرسل الرّسل لبيان ذلك.
والمعنى: أي (?) وما نرسل رسلنا إلا ليبشروا أهل الإيمان والتصديق بالله ورسوله بجزيل ثوابه في الآخرة، وينذروا أهل الكفر به وتكذيب رسله بعظيم