الله أو الملك، أي: وضع (?) في هذا اليوم الرهيب، كتاب كل إنسان في يده اليمنى، إن كان مؤمنًا، وفي يده اليسرى إن كان كافرًا، فقد تطايرت الكتب إلى أيدي الخلائق مثل الثلج {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ}؛ أي: المشركين والمنافقين {مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ}؛ أي: خائفين مما في الكتاب من أعمالهم الخبيثة؛ أي: يحصل لهم خوف العقاب من الله بذنوبهم، وخوف الفضيحة عند الخلق بظهور الجرائم لأهل الموقف، {وَيَقُولُونَ}؛ أي: ويقول المجرمون عند وقوفهم على ما في الكتاب من السيئات، نقيرًا، وقطميرًا، تعجبًا من شأنه {يا وَيْلَتَنا}؛ أي: يا هلكتنا احضري وتعالي فهذا أوانك، يدعون على أنفسهم بالويل، لوقوعهم في الهلاك (?)، منادين لهلكتهم التي هلكوا بها من بين الهلكات، مستدعين لها ليهلكوا ولا يروا هول ما لاقوه، فإن الويل والويلة الهلكة.
{مالِ هذَا الْكِتابِ} قال البقاعي (?): رسم لام الجر وحده إشارةٌ إلى أنهم صاروا من قوة الرعب، وشدة الكرب، يقفون على بعض الكلمة؛ أي: أي شيء لهذا الكتاب حالة كونه {لا يُغادِرُ}، ولا يترك {صَغِيرَةً} من السيئات {وَلا كَبِيرَةً} من الذنوب تصدر عن جانيها، وقدّم الصغيرة اهتمامًا بها، وإذا أحصيت فالكبيرة أحرى. {إِلَّا أَحْصاها}؛ أي: إلّا عدها، وضبطها، وحواها، وأثبتها، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - الصّغيرة التبسم، والكبيرة القهقهة، وعن سعيد بن جبير: الصغيرة: المسيس، والكبيرة الزنا؛ وهذا (?) الإحصاء لا يعارض قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ ...} الآية، إذ لا يلزم من العد عدم التكفير، إذ يجوز أن تكتب الكبائر ليشاهدها العبد يوم القيامة، ثمّ تكفّر عنه، فيعلم قدر نعمة العفو عليه اهـ كرخي.
{وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا} في الدنيا من المعاصي الموجبة للعقوبة، أو وجدوا جزاء ما عملوا {حاضِرًا}، أي مكتوبًا مثبتًا في كتابهم، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} من خلقه، فلا ينقص من حسنات أحد أجره الذي يستحقه، ولا يزيد على سيئات