3 - {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}؛ أي: وجمعنا الأولين والآخرين للحساب بعد أن أقمناهم من قبورهم، فلم نترك منهم أحدًا لا صغيرًا، ولا كبيرًا، كما قال: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)} وقال: {ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}.
ولما ذكر سبحانه حشر الخلق .. بيّن كيفية عرضهم على ربهم فقال:
4 - {وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}؛ أي: يعرض الخلق كلهم على الله صفًّا واحدًا، كما قال: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} ويقال لهم على طريق التوبيخ والتقريع: لقد جئتمونا أيها الناس، أحياء كهيئتكم حين خلقناكم أوّل مرة فرادى، حفاةً، عراةً، لا شيء معكم من المال، والولد، ونحو الآية قوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ} وفي هذا زجر لأولئك المشركين المنكرين للبعث، الذين يفخرون في الدنيا على الفقراء من المؤمنين بالأموال والأنصار.
أخرج ابن المنذر عن معاذ بن جبل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله ينادي يوم القيامة: يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأسرع الحاسبين، أحضروا حجتكم، ويسروا جوابكم فإنكم مسؤولون محاسبون، يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفًا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب».
وفي الحديث الصحيح: «يجمع الله تعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفًا يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ...» والحديث له بقية.
5 - 49 {وَوُضِعَ الْكِتابُ} معطوف على «عرضو» والمراد (?) بالكتاب، صحائف الأعمال، وأفرده لكون التعريف فيه للجنس، والوضع: إما حسي بأن توضع صحيفة كل واحد في يده، السعيد في يمينه، والشقي في شماله، أو في الميزان، وإما عقلي، أي: أظهر عمل كل واحد من خير أو شر بالحساب الكائن في ذلك اليوم، وقرأ زيد بن علي {ووضع} مبنيًا للفاعل {الكتاب} بالنصب، والفاعل