نفسه، وأمر سبحانه بالإحسان بالمال في حقِّ أقوامٍ مخصوصين، وهم الوالدان، والأقرباء، واليتامى، والمساكين، ولمَّا كان (?) المال لا يسع الكُلَّ، أمر بمعاملة الناس كلهم بالقول الجميل الذي لا يعجز عنه العاقل؛ يعني: وألينوا لهم القول بحسن المعاشرة وحسن الخلق، ومروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، إن كان المراد بالمخاطبين الذين كانوا في زمن موسى عليه السلام، كما هو الظاهر، والقول الحسن: هو الذي يحصل انتفاعهم به.
وقيل المعنى: قولوا للناس صدقًا وحقًّا في شأن محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن سألكم عنه فاصدقوه وبيِّنوا صفته، ولا تكتموها، كما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - إن كان الخطاب للحاضرين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي القيام بهذه الفرائض إصلاحٌ لحال المجتمع، وسعيٌ في رُقيِّه وتقدُّمه حتى يبلغ ذروة المجد والشرف. وقرأ حمزة، والكسائي، ويعقوب (?): {حَسَنًا} بفتحتين على أنّه صفة مشبهة لمصدر محذوف، تقديره: وقولوا للناس قولًا حسنًا. وقرأ الباقون: {حُسْنًا} بضمّ الحاء وسكون السين على أنّه مصدر وصف به مبالغةً. وقرأ عطاء بن أبي رباح، وعيسى بن عمر: {حُسُنًا} بضمّهما، فضمّة السين اتباع بضمّة الحاء، وهي قراءة شاذة. وقرأ أبي، وطلحة بن مصرف: {حُسْنَى} على وزن فُعْلى على أنّه مصدر كالرُّجْعَى، والعُقْبَى، والبشرى. وقرأ الجحدريّ: {إحسانًا} على أنّه نعت لمصدر محذوف؛ أي: قولًا إحسانًا، وإحسانًا مصدرٌ من أحسن الذي همزته للصيرورة؛ أي: قولًا ذا حسنٍ، كما تقول أعشبت الأرض إعشابًا؛ أي: صارت ذات عُشْبٍ.
وبعد أن أمرهم سبحانه بعبادته وحده على سبيل الإجمال، فصَّل بعضًا من ذلك ممَّا لا يُهتدى إليه إلّا بهُدًى إلهيّ، ووحيٍ سماويٍّ، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}؛ أي: أدّوا الصلاة التي فرضت عليكم في ملتكم وشريعتكم، فقبلتم