الشرك بعبادة أحد سواه {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}، فالتوحيد عماده الأمران معًا، وعبادة الله إثبات توحيده، وتصديق رسله، والعمل بما أنزل في كتبه. وقرأ نافع (?)، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر، بالتاء؛ حكايةً لما خوطبوا به. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي بالياء على الغيبة؛ لأنَّ (?) بني إسرائيل اسم ظاهر، والأسماء الظاهرة من قبيل الغيب، ومعناه: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل أن لا يعبدوا، فلمَّا حذفت أن رفع الفعل، كما مرّ.
وقرأ عبدُ الله، وأُبيٌّ: {لا تعبدوا} بصريح النهي، وهذه قراءة شاذة، {و} تحسنون {بالوالدين إحسانًا} على لفظ تعبدون؛ لأنّه إخبارٌ، أو وأحسنوا بالوالدين إحسانًا على معناه؛ لأنّه إنشاءٌ؛ أي: وأحسنوا بالوالدين، وإنْ عَلَيا إحسانًا كثيرًا؛ أي (?): برًّا، وعطفًا، ورحمةً لهما، ونزولًا عند أمرهما فيما لا يخالف أمر الله تعالى، ويوصل إليهما ما يحتاجان إليه ولا يؤذيهما ألبتة، وإن كانا كافرين، بل يجب عليه الإحسان إليهما، ومن الإحسان إليهما. أن يدعوهما إلى الإيمان بالرفق واللين، وكذا إن كانا فاسقين، يأمرهما بالمعروف بالرفق واللين من غير عُنْفٍ.
وإنّما عطف (?) برّ الوالدين على الأمر بعبادة الله تعالى؛ لأنَّ شكر المنعم واجبٌ، ولله على عبده أعظم النعم؛ لأنّه أوجده بعد العدم، فيجب تقديم شكره على شكر غيره، ثُمَّ إنّ للوالدين على الولد نعمةً عظيمة؛ لأنّهما السبب في وجوده، ولهما عليه حقُّ التربية أيضًا، فحقُّهما يلي حقّ المنعم بالوجود الحقيقيِّ. وقد جاء في التوراة: أنَّ من يسبَّ والديه يقتل. والحكمة في البرّ بهما: أنّهما قد بذلا للولد وهو صغير كُلَّ عنايةٍ وعطفٍ، بتربيته، والقيام بشؤونه حين كان عاجزًا