فِيهَا}؛ أي: في النار {خَالِدُونَ}؛ أي: دائمون، فأنى لهم التَفَضِّي منها بعد سبعة أيّام، أو أربعين يومًا كما زعموا، والجملة في حيِّز النصب على الحالية؛ لورود التصريح به في قوله: {أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ}، ولا حُجَّة في الآية على خلود صاحب الكبيرة؛ لما عرفت من اختصاصها بالكافر، والمراد بأصحاب النار: الذين هم أهلها حقيقةً لا مَن دخلها، ثُمَّ خرج منها.
وقرأ الجمهور (?): {خَطِيئَتُهُ} بالإفراد، ونافع: {خطيئاته} جمع سلامة، وقرأ بعض القرَّاء: {خطاياه} جمع تكسير. وقريء: {خطيَّته} و {خطيَّاته} على القلب والإدغام فيهما، والمعنى: أنَّها أخذته من جميع جوانبه، ومعنى الإحاطة به: أنّه يوافي على الكفر والإشراك، هذا إذا (?) فسرت الخطيئة بالشرك، ومن فسَّرها بالكبيرة، فمعنى الإحاطة به: أن يموت وهو مُصِرٌّ عليها، فيكون الخلود على القول الأوّل، المراد به الإقامة لا إلى انتهاء، وعلى القول الثاني المراد به: الإقامة دهرًا طويلًا؛ إذ مآله إلى الخروج من النار. قال الكلبيُّ: أوثقته ذنوبه. وقال ابن عباس: أحبطت حسناته. وقال مجاهد: غشيت قلبه. وقال مقاتل: أصرَّ عليها. وقال الربيع: مات على الشرك. وقال الحسن: كل ما توعَّد الله عليه بالنار، فهو الخطيئة المحيطة.
ومعنى الآية: ليس (?) الأمر كما ذكرتم، بل تمسُّكم النار وتمسُّ غيركم دهرًا طويلًا، فكلُّ من أحاطت به خطيئته، وأخذت بجوانب إحساسه ووجدانه، واسترسل في شهواته، وأصبح سجين آثامه، فجزاؤه النار خالدًا فيها أبدًا؛ لما اقترف من أسبابها بانغماسه في الشهوات التي استوجبت ذلك العقاب.
وعبارة "العمدة" (?): {بَلَى} تمسُّكم النار، وتخلدون فيها أبدًا {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} أي عمل شركًا {وَأَحَاطَتْ}؛ أي: أحدقت {بِهِ خَطِيئَتُهُ} وذنوبه،