[29]

رزقنا الله وإياكم من فضله.

والمعنى: أي (?) وإن أعرضت عن ذوي القربى والمسكين، وابن السبيل، وأنت تستحي أن ترد عليهم انتظار فرج من الله ترجو أن يأتيك، ورزق يفيض عليك فقل لهم قولًا لينًا جميلًا، وعدهم وعدًا تطيب به قلوبهم. قال الحسن: أمر أن يقول لهم: «نعم وكرامةً، وليس عندنا اليوم شيء، فإن يأتنا نعرف حقكم».

وفي هذا تأديب من الله لعباده إذا سألهم سائل ما ليس عندهم كيف يقولون، وكيف يردون، ولقد أحسن من قال:

إلّا يكن ورقٌ يومًا أجود به ... للسَّائلين فإنّي ليِّن العودِ

لا يعدم السَّائلون الخير في خلقي ... إمّا نوالٌ وإمَّا حسن مردودِ

29 - ثم بيّن سبحانه الطريق المثلى في إنفاق المال فقال: {وَلا تَجْعَلْ} أيها الإنسان {يَدَكَ مَغْلُولَةً}؛ أي: مضمومة {إِلى عُنُقِكَ} مجموعة معه في الغل، وهو: بضم الغين طوق من حديد يجعل في العنق؛ أي: لا تمسك يدك عن الإنفاق في الحق، والخير كالمغلولة يده إلى عنقه، لا يقدر على مدها؛ أي: لا تمسك عن الإنفاق بحيث تضيق على نفسك وأهلك. {وَلا تَبْسُطْها}؛ أي: لا تمدها في الإنفاق {كُلَّ الْبَسْطِ} فتعطي جميع ما عندك في وجوه صلة الرحم، وسبيل الخيرات؛ أي: لا تتوسّع (?) في الإنفاق توسّعًا مفرطًا بحيث لا يبقى في يدك شيء، وروي عن قالون {كل البصط} بالصاد ذكره في «البحر» {فَتَقْعُدَ}؛ أي: فتصير {مَلُومًا} عند الله تعالى؛ لأنّ المسرف غير مرضي عنده تعالى، وعند أصحابك فهم يلومونك على تضييع المال بالكلية، وإبقاء الأهل والولد في الضر، وتبقى ملوما عند نفسك بسبب سوء تدبيرك، وترك الحزم في مهمّات معاشك، أو ملومًا على البخل من الواجبات. {مَحْسُورًا}؛ أي: نادمًا على ما فرط منك من الإنفاق أو منقطعًا لا شيء عندك تنفقه، أو منقطعًا عنك الأحباب بسبب ذهاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015