عباس {أف} خفيفة فهذه سبع قراءات من اللغات التي حكيت في {أُفٍّ}.
{وَلا تَنْهَرْهُما}؛ أي: لا تزجرهما بإغلاظ إذا كرهت منهما شيئًا؛ أي: لا تغلظ لهما في الكلام، والمراد (?) من قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ} المنع من إظهار الضّجر بالقليل أو الكثير، ومن قوله: {وَلا تَنْهَرْهُما} المنع من إظهار المخالفة في القول على سبيل الرد عليه {وَقُلْ لَهُما} بدل التأفيف والنهر {قَوْلًا كَرِيمًا}؛ أي: قولًا لينًا حسنًا، بأن يخاطبه بالكلام المقرون بأمارات التعظيم، كأن (?) يقول: يا أبتاه، ويا أمّاه كدأب إبراهيم عليه السلام، إذ قال لأبيه: يا أبت مع ما به من الكفر، ولا يدعوهما بأسمائهما، فإنه من الجفاء، وسوء الأدب، ولا يرفع صوته فوق صوتهما، ولا يجهر لهما بالكلام، بل يكلمهما بالهمس والخضوع إلا لضرورة الصّمم والإفهام، ولا يسبّ والدي رجلٍ فيسب ذلك الرجل والديه، ولا ينظر إليهما بالغضب
24 - {وَاخْفِضْ لَهُما} أي ألن لهما {جَناحَ الذُّلِّ}؛ أي: حالك الليّن المذلول المتواضع، واخضع لهما حتّى لا تمتنع عن شيء أحباه ويسرهما {مِنَ الرَّحْمَةِ}؛ أي: من أجل فرط رحمتك لهما، وشدة شفقتك عليهما، ورقة قلبك لهما، بسبب ضعفهما لا لأجل خوفك من العار، لافتقارهما اليوم إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف، للسيد الفظ الغليظ؛ أي: في التّواضع والتملق.
ويقبّل رجل أمّه (?)، ويباشر خدمتهما بيده، ولا يفوّضها إلى غيره؛ لأنه ليس بعار للرجل أن يخدم معلمه، وأبويه وسلطانه، وضيفه، ولا يؤمه للصلاة، وإن كان أفقه منه؛ أي: أعلم بالفقه من الأب، ولا يمشي أمامهما إلا أن يكون لإماطة الأذى عن الطريق، ولا يتصدّر عليهما في المجلس، ولا يسبق عليهما في شيء؛ أي: في الأكل والشرب والجلوس، والكلام وغير ذلك.