[21]

في الدنيا والآخرة، وعلى الفاجر في الدنيا فقط، وإن وجد منه ما يقتضي الحظر، وهو الفجور والكفر.

والمعنى: أي (?) إنّ كلّا من الفريقين مريدي العاجلة، ومريدي الآجلة الساعي لها سعيها، وهو مؤمن يمده ربّه بعطائه، ويوسّع عليه الرزق، ويكثر له الأولاد والأموال وغيرهما من زينة الدنيا، فإن عطاءه ليس بالممنوع من أحد من خلقه، مؤمنا كان أو كافرا فكلّهم مخلوق في دار العمل، فوجب إزالة العذر، ورفع العلة، وإيصال متاع الدنيا إليهم على القدر الذي يقتضيه صلاحهم، ثمّ تختلف أحوال الفريقين، ففريق العاجلة إلى جهنم، وبئس المهاد، وفريق الآجلة إلى جنات تجري من تحتها الأنهار، ونعم عقبى الدار.

21 - والخطاب في قوله: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ} لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون لكل من له أهلية النظر والاعتبار و {كَيْفَ} في محل النصب على الحالية، بفضَّلنا لا بانظر، لأنّ أسماء الاستفهام مما يلزم الصدارة فلا يتقدّم عليها عاملها، وهذه الجملة مقررة لما مر من الإمداد، وموضحة له، والمعنى انظر يا محمد بنظر الاعتبار، كيف فضّلنا بعض العباد على بعض، فيما أمددناهم من العطايا الدنيوية، فمن غني وفقير، وقوي وضعيف، وصحيح ومريض، وعاقل وأحمق، وذلك لحكمة بالغة تقتصر العقول عن إدراكها؛ أي: انظر إلى عطائنا للفريقين في الدنيا كيف فضلنا بعضهم على بعض، فأوصلنا رزقنا إلى مؤمن، وقبضناه عن مؤمن آخر، وأوصلناه إلى كافر، ومنعناه من كافر آخر، ولهذا حكم وأسباب بيَّنها سبحانه بقوله: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ} وقوله: {نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}.

{وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ}؛ أي: ولدرجات الآخرة أكبر، وأعظم من درجات الدنيا؛ فإن درجات الآخرة باقية غير متناهية، ونعم الدنيا فانية متناهية {وَ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015