بلا طلب، فالأول طلب ولا شيء، والثاني طلب وشيء، والثالث: شيء ولا طلب.
والقيد الثاني: قوله: {لِمَنْ نُرِيدُ}؛ أي: لمن نريد التعجيل له منهم ما اقتضته مشيئتنا.
وجملة {لِمَنْ نُرِيدُ} بدل من الضمير في {له} بإعادة الجار بدل البعض من الكل؛ لأن الضمير يرجع إلى {من} الموصولة المفيدة للعموم.
وهذه الآية مقيِّدة للآيات المطلقة كقوله سبحانه: {وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها} وقوله: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (15)}.
وقرأ الجمهور (?): {ما نَشاءُ} بالنون، وروي عن نافع {ما يشاء} بالياء، فقيل: الضمير في يشاء يعود على الله، وهو من باب الالتفات، فقراءة النون والياء سواء، وقيل: يجوز أن يعود على {من} العائد عليها الضمير في {له} وليس ذلك عامًّا بل لا يكون له ما يشاء إلا آحاد أراد الله لهم ذلك، ثم بعد هذه الطلبة الفارغة، والإرادة الخالية، التي لا تأثير لها إلا بالقيدين المذكورين عذاب الآخرة الدائم، ولهذا قال سبحانه: {ثُمَّ} بعد انتقاله إلى الآخرة {جَعَلْنا لَهُ}؛ أي: لذلك المريد في الآخرة مكان ما عجّلنا له في الدنيا بسبب تركه لما أمر به من العمل للآخرة، وإخلاصه عن الشوائب {جَهَنَّمَ} وما فيها من أصناف العذاب حالة كونه {يَصْلاها}؛ أي: يدخلها حال من الضمير المجرور {مَذْمُومًا} من عند الخلق؛ أي: ملوما مهانا بالذمّ؛ لأن الذمّ اللوم، وهو خلاف المدح والحمد، يقال: ذممته، وهو ذميم غير حميد كما في «بحر العلوم» {مَدْحُورًا} عند الخالق؛ أي: مطرودًا من رحمة الله تعالى مبعدا عنها، فإنّ الدّحر الطرد، والإبعاد.
فهذه عقوبته في الآخرة، مع أنه لا ينال من الدنيا إلّا ما قدره الله سبحانه