[14]

وقيل: المراد بالطائر صحيفة الأعمال التي كتبتها الملائكة الحفظة، فإذا مات العبد طويت تلك الصحيفة، وجعلت معه في قبره حتى تخرج له يوم القيامة، وقيل: المراد بالطائر: كتاب إجابته في القبر لمنكر ونكير.

قال الفخر الرازي: والتحقيق في هذا الباب (?): أنه تعالى خلق الخلق، وخص كل واحد منهم بمقدار مخصوص من العقل والفهم، والعلم والعمر، والرزق والسعادة، والشقاوة، والإنسان لا يمكنه أن يتجاوز ذلك المقدار، وينحرف عنه، بل لا بد وأن يصل إليه ذلك القدر بحسب الكمية والكيفية، فتلك الأشياء المقدّرة كأنّها تطير إليه، وتصير إليه، فلهذا المعنى لا يبعد أن يعبّر عن تلك الأحوال المقدرة بلفظ الطائر، فقوله تعالى: {أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} كناية عن أن كل ما قدره الله ومضى في علمه حصوله له، فيما علمه فهو لازم له، واصل إليه، غير منحرف عنه، وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة» اهـ، ملخصا.

{وَنُخْرِجُ لَهُ}؛ أي: لكل إنسان {يَوْمَ الْقِيامَةِ} والبعث للحساب، {كِتابًا} مسطورا فيه عمله نقيرًا، وقطميرًا، وهو مفعول {وَنُخْرِجُ}. {يَلْقاهُ} الإنسان أي: يجده، ويراه {مَنْشُورًا}؛ أي مفتوحا بعد ما كان مطويًّا، ليمكنه قراءته، صفتان لـ {كِتابًا} أو الأول صفة، والثاني حال. قال الحسن (?): بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان، فهما عن يمينك، وعن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأمّا الذي عن شمالك، فيحفظ سيئاتك، حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت معك في قبرك حتى تخرج لك يوم القيامة.

14 - ويقال له: {اقْرَأْ كِتابَكَ}؛ أي: كتاب عملك، فهو على تقدير القول، وعن قتادة: يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئًا {كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}؛ أي: كفى اليوم نفسك من جهة كونها حسيبًا عليك، و {الباء} زائدة، واليوم ظرف لـ {كَفى} و {حَسِيبًا} تمييز لفاعل {كَفى} و {على} صلته، لأنه بمعنى الحاسب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015