على الوجه الجميل ولما كان زمان الدولة العربية الأحمدية قمريا ظهر عليه أثر السيادة على النجوم، وهو السواد، لأنه سيد الألوان، كما ظهر على الحجر المكرم الذي خرج من الجنة أبيض أثر السيادة بمبايعة الأنبياء والأولياء عليهم السلام، وجعل الله شهورنا قمرية لا شمسية تنبيها من الله للعارفين أن آياتهم ممحوة من ظواهرهم، مصروفة إلى بواطنهم، فاختصوا من بين جميع الأمم الماضية بالتجليات الخاصة.

وحاصل المعنى: أي وجعلنا الليل والنهار دليلين للخلق على مصالح الدين والدنيا، أما في الدّين: فلأن كلّا منهما مضاد للآخر، ومخالف له مع تعاقبهما على الدوام، وهذا من أقوى الأدلة على أنه لا بد لهما من فاعل مدبر، يقدرهما بمقادير مخصوصة، وأما في الدنيا فلأن مصالحها لا تتم إلا بهما، فلولا الليل .. لما حصل السكون، والراحة، ولولا النهار .. لما حصل الكسب، والتصرف في وجوه المعاش {فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ}؛ أي: فمحونا آية هي الليل؛ أي: جعلنا الليل ممحو الضوء، مطموسه مظلمة لا يستبين فيه شيء، كما لا يستبين ما في اللوح الممحو، روي ذلك عن مجاهد، {وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ}؛ أي: وجعلنا الآية التي هي النهار مضيئة، و {مُبْصِرَةً} يبصر فيها أهلها، وقرأ قتادة، وعلي بن الحسين {مبصرة} بفتح الميم، والصاد، وهو مصدر: أقيم مقام الاسم، وكثر ذلك في صفات الأمكنة، كقولهم: أرض مسبعة، ومكان مضبّة.

وقوله: {لِتَبْتَغُوا} متعلق بقوله (?) {وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً} أي لتطلبوا لأنفسكم في بياض النهار {فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي رزقًا من ربكم، وسماه فضلًا؛ لأن إعطاء الرزق لا يجب على الله، وإنما يفيضه بحكم الربوبية، إذ غالب تحصيل الأرزاق، وقضاء الحوائج، يكون بالنهار، ولم يذكر هنا السكون في الليل اكتفاء بما قاله في موضع آخر {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِرًا}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015