يوم بدر.
وحذفت الواو من {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ} في رسم المصحف اتباعًا لخط اللفظ لعدم التلفظ بها لوقوع اللام الساكنة بعدها، كقوله: {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18)} {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ} ونحو ذلك. {وَكانَ الْإِنْسانُ} بحسب جبلته {عَجُولًا}؛ أي: كثير العجل يسارع إلى طلب ما يخطر بباله، ولا ينظر عاقبته، ولا يتأنى إلى أن يزول عنه ما يعتريه، فالإنسان (?) عجولٌ قولًا وفعلًا يتمادى في الأعمال الموجبة للشر والعذاب، وفي الأثر: «المؤمن وقاف والمنافق وثاب».
وروي أن آدم قال لأولاده: كل عملٍ تريدون أن تعملوا فقفوا له ساعة، فإني لو وقفت ساعة .. لم يكن أصابني ما أصابني. وقال أعرابي: إياكم والعجلة، فإن العرب تكنِّيها أمَّ الندامات.
قيل: العجلة من الشيطان، إلا في ستة مواضع: أداء الصلاة إذا دخل الوقت، ودفن الميت إذا حضر، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، وإطعام الضيف إذا نزل، وتعجيل التوبة إذا أذنب.
12 - ولما ذكر سبحانه دلائل النبوة والتوحيد، أكّدها بدليل آخر من عجائب صنعه، وبدائع خلقه، فقال: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ} قدم الليل؛ لأن فيه تظهر غرر الشهور، ولأنه الأصل؛ أي: جعلناهما بسبب تعاقبهما، واختلافهما في الطول والقصر {آيَتَيْنِ} دالتين على وجود الصانع القدير، ووحدته، إذ لا بد لكل متغير من مغير، وإنما قال (?): {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ} بالتثنية، ولم يقل آية كما قال في موضع آخر {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} بالإفراد لأن الليلَ والنهار ضدان بخلاف عيسى ومريم، وقيل: لأن عيسى ومريم كانا في وقت واحد، والشمس والقمر آيتان، لأنهما في وقتين، ولا سبيل إلى رؤيتهما معا بصفتهما الرئيسية؛ أي (?): جعلنا الليل والنهار علامتين دالتين على تمام علمنا، وكمال قدرتنا، فلما