مخصوصةً منهم، كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى {لِلَّتِي}، أي للطريقة التي {هِيَ أَقْوَمُ} الطرائق وأسدها، وأصوبها، أي يهدي إلى الطريقة التي هي أقوم من غيرها من الطرق، والملل، وهي ملة الإسلام، أو يهدي للحالة التي هي أقوم من غيرها من الحالات، وهي توحيد الله، والإيمان برسله، والمراد (?) بهدايته لها: كونه بحيث يهتدي إليها من يتمسك به، لا تحصيل الاهتداء بالفعل، فإنّه مخصوص بالمؤمنين {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} بما في تضاعيفه من الأحكام والشرائع {الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ} التي شرحت فيه، {أَنَّ لَهُمْ}؛ أي: بأنّ لهم بمقابلة تلك الأعمال {أَجْرًا كَبِيرًا}؛ أي: ثوابًا عظيمًا بحسب الذات، وبحسب التضعيف عشر مرات فصاعدًا.
10 - وقوله: {وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} معطوف على جملة يبشّرُ بإضمار يخبر؛ أي: وإن هذا القرآن الذي أنزل عليك يخبر ويبين بأن الذين لا يؤمنون {بِالْآخِرَةِ}، وأحكامها المشروحة في القرآن من البعث، والحساب، والجزاء، وأنكروا وجودها {أَعْتَدْنا لَهُمْ}؛ أي: هيأنا لهم في الآخرة {عَذابًا أَلِيمًا} وهو عذاب جهنم، ويجوز أن يكون معطوفا على {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} فالمعنى أنه يبشّر المؤمنين ببشارتين: ثوابهم، وعقاب أعدائهم، فإنّ المرء يستبشر ببلية عدوّه، وقرأ الجمهور {وَيُبَشِّرُ} مشدّدًا مضارع بشّر المشدد، وقرأ عبد الله، وطلحة، وابن وثاب، والأخوان: {ويبشر} مضارع بشر المخفف.
والحاصل: أن الله سبحانه وتعالى مدح (?) في هذه الآية كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ووصفه بصفات ثلاث:
1 - أنه يرشد من اهتدى به للسبيل التي هي أقوم السبل، وهي ذلك الدين القيم، والملة الحنيفية السمحاء التي أهم دعائمها: الإخبات لله، والإنابة إليه، واعتقاد أنّه واحد لا شريك له، وأنه صاحب الملك والملكوت، وهو الحي الذي لا يموت، وهو الفرد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.