وذلك بفضل طاعته تعالى، والإخبات إليه،
7 - ومن ثمّ قال: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ}؛ أي: أفعالكم، وأقوالكم على الوجه المطلوب منكم {أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ}؛ أي: لغرض أنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} أفعالكم، وأقوالكم فأوقعتموها، لا على الوجه المطلوب منكم، {فَلَها}؛ أي: فعليها؛ أي (?): إحسان الأعمال وإساءتها، كلاهما مختص بكم، لا يتعدى ثوابها ووبالها إلى غيركم، فـ {اللام} على أصلها، وهو الاختصاص قال (?) في تفسير «النيسابوري» قال أهل الإشارة: إنه أعاد الإحسان مرتين ولم يذكر الإساءة إلا مرّة، إشارة إلى أنّ جانب الرحمة أغلب، ويجوز أن يترك تكريرها استهجانًا لها.
والمعنى: أي (?) {إِنْ أَحْسَنْتُمْ} فأطعتم الله، ولزمتم أمره، وتركتم نهيه {أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} لأنكم تنفعوها بذلك في دنياها وآخرتها، أما في الدنيا: فإنّ الله يدفع عنكم أذى من أرادكم بسوء، ويرد كيده في نحره، وينمي لكم أموالكم، ويزيدكم قوة إلى قوتكم، وأما في الآخرة: فإن الله يثيبكم جنّات تجري من تحتها الأنهار، ويرضى عنكم {وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}، وإن أسأتم، فعصيتم ربكم، وفعلتم ما نهاكم عنه، فإلى أنفسكم تسيؤون، لأنكم تسخطونه، فيسلّط عليكم في الدنيا أعداءكم، ويمكّن منكم من يبغي بكم السوء، ويلحق بكم في الآخرة العذاب المهين {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي: وعد عقوبة المرة الآخرة - أي: الثانية - أي: حان وقت ما وعد به من عقوبة المرة الآخرة من الإفسادين، والمرة الآخرة هي قصدهم قتل عيسى فخلصه الله منهم، ورفعه إليه، وقتلوا زكريّا ويحيى فسلط الله عليهم الفرس والرّوم فسبوهم وقتلوهم.
وجواب {إذا} محذوف دل عليه جواب إذا الأولى؛ أي: فإذا جاء وعد الآخرة بعثنا عليكم عبادًا لنا {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ}؛ أي: ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم حتى تظهر عليكم آثار المساءة، وتتبيّن في وجوهكم الكآبة، والحزن.