التوراة، وكان إنزالها على نبيهم موسى، كإنزالها عليهم، لكونهم قومه وقيل: المراد بالكتاب: اللوح المحفوظ، والمعنى، وقضينا: أي: حكمنا على بني إسرائيل في اللوح المحفوظ، قضاء مبتوتا، وحكما مقطوعًا، و {اللام} في قوله: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ}: موطئة لقسم محذوف؛ أي: وعزتي وجلالي لتفسدن في أرض الشام، وبيت المقدس، أو أرض مصر بالمعاصي والظلم {مَرَّتَيْنِ}؛ أي: إفسادتين: أولاهما: مخالفة أحكام التوراة، وقتل شعياء، وحبس أرمياء، وثانيتهما: قتل زكريا، ويحيى، وقصد قتل عيسى عليهم السلام؛ أي: لتفسدن فيها إفسادًا بعد إفساد {وَلَتَعْلُنَّ}؛ أي: ولتستكبرنّ فيها عن طاعة الله تعالى أو لتظلمن الناس {عُلُوًّا كَبِيرًا} أي استكبارا مجاوزا الحد، أو ظلمًا فاحشًا، وهذه {اللام} كاللام التي قبلها، والمعنى أي وأوحينا (?) إلى بني إسرائيل فيما أنزلناه في التوراة على موسى، فأعلمهم به، لتعصن الله، ولتخالفنّ أمره مرتين، أولاهما: تغيير التوراة، وقتل شعيا عليه السلام، وحبس أرميا حين أنذرهم سخط الله، والثانية: قتل زكريا، ويحيى وقصدهم قتل عيسى عليهم السلام.
وقيل: سبب قتل زكريا أنّهم اتهموه بمريم، قيل: قالوا: حين حملت مريم ضيّع بنت سيّدنا حتى زنت، فقطعوه بالمنشار في الشجرة. ولتستكبرن في الأرض عن طاعة الله تعالى، ولتبغن على الناس، ولتظلمنّهم ظلمًا شديدًا تفرطون فيه، وتبلغون أقصى الغاية.
وقرأ الجمهور (?): {فِي الْكِتابِ} بالإفراد، والظاهر أن يراد به التوراة، وقرأ أبو العالية، وسعيد بن جبير {في الكتب} على الجمع، فاحتمل أن يراد به الجنس، وقرأ الجمهور: {لَتُفْسِدُنَّ} بضم التاء، وكسر السين من أفسد الرباعي، وقرأ ابن عباس، ونصر بن علي، وجابر بن زيد: {لتفسدن} بضم التاء، وفتح السين مبنيًا للمفعول؛ أي يفسدكم غيركم، فقيل: من الإضلال، وقيل: من