آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} اكتفاء بذكر إقامة الصلاة {مِنْ} أنواع الثمرات كما رزقت سكان القرى ذوات الماء والزروع، فيكون المراد عمارة قرى بقرب مكة لتحصل تلك الثمار. وقيل: يحتمل أن يكون المراد جلب الثمرات إلى مكة بطريق النقل والتجارة، فهو كقوله تعالى: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} وقد حصل (?) كلاهما حتى أنه يجتمع في مكة الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد. روى عن ابن عباس أن الطائف وهي على ثلاث مراحل، من مكة كانت من أرض فلسطين، فلما دعا إبراهيم عليه السلام بهذه الدعوة .. رفعها الله ووضعها رزقًا للحرم.
والمعنى: أي وارزق ذريتي الذين أسكنتهم في مكة من أنواع الثمار بأن تجبي إليهم ذلك من شاسع الأقطار، وقد استجاب الله ذلك كما قال: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا}.
{لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} نعمك التي أنعمت بها عليهم؛ أي: رجاء أن يشكروا تلك النعم بإقامة الصلاة، وأداء واجبات العبودية. وفي هذا (?) إيماء إلى أن تحصيل منافع الدنيا إنما هو ليستعان بها على أداء العبادات وتحصيل الطاعات، وفي دعائه عليه السلام مراعاة للأدب والمحافظة على الضراعة، وعرض الحاجة واجتلاب الرأفة، ومن ثم من الله عليه بالقبول وإعطاء المسؤول، وقد أجاب دعائه، فألهم الناس الحج في آلاف السنين، وإلى ما شاء الله تعالى، لا في مدى حياته فحسب، ولا بدع في ذلك، فهو خليل الرحمن وأبو الأنبياء جميعًا.
38 - والنداء المكرر في قوله: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ}؛ أي: أنت تعلم ما تخفي وتسر قلوبنا حين سؤالك ما نسأل، وما نعلن ونظر من دعائنا فنجهر به (?)، دليل التضرع واللجوء إلى الله تعالى، وقدم ما نخفي على ما نعلن؛ للدلالة على أنهما مستويان في علمه سبحانه. والمراد: ربنا إنك تعلم السر كما تعلم العلن، علمًا لا تفاوت فيه.