[37]

بشيء لم ينفعه الله به، فلهذا السبب دعا لنفسه بهذا الدعاء.

وأما دعاؤه لبنيه، وهو الوجه الثالث من الإشكالات، فالجواب عنه من وجوه:

الأول: أن إبراهيم دعا لبنيه من صلبه، ولم يعبد منهم أحد صنمًا قط.

الوجه الثاني: أنه أراد أولاده وأولاد أولاده الموجودين حالة الدعاء، ولا شك أن إبراهيم عليه السلام قد أجيب فيهم.

الوجه الثالث: قال الواحدي دعا لمن أذن الله أن يدعو له، فكأنه قال: وبني الذين أذنت لي في الدعاء لهم؛ لأن دعاء الأنبياء مستجاب، وقد كان من بنيه من عبد الصنم، فعلى هذا الوجه يكون هذا الدعاء من العام المخصوص.

الوجه الرابع: أن هذا مختص بالمؤمنين من أولاده، والدليل عليه أنه قال في آخر هذه الآية: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} وذلك يفيد أن من لم يتبعه على دينه، فليس منه، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه اهـ من "الخازن".

37 - ثم قال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} كرر النداء (?) رغبة في الإجابة وإظهارًا للتذلل والالتجاء إلى الله تعالى، وأتى بضمير جماعة المتكلمين؛ لأنه تقدم ذكره وذكر بنيه في قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ} و {مِنْ ذُرِّيَّتِي} قال الفراء (?): {مِنَ} للتبعيض؛ أي: بعض ذريتي وهو إسماعيل ومن سيولد له، فإن إسكانه متضمن إسكانهم. وقال ابن الأنباري: أنها زائدة؛ أي: أسكنت ذريتي. والأول أولى؛ لأنه إنما أسكن إسماعيل، وهو بعض ولده. {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}؛ أي: بواد ليس فيه زرع وهو وادي مكة؛ لأنه واد بين جبلين جبل أبي قبيس وجبل أجياد، فإنها حجرية لا يوجد فيها زرع ولا ماء. وفي "بحر العلوم": وأما في زماننا فقد رزق الله أهله ماء جاريًا، وإنما لم يقل غير ذي ماء؛ لأنه كان علم أن الله لا يضيع هاجر وابنها في ذلك الوادي، وأنه يرزقها الماء، وعلم بالوحي أنه سيكون فيها ماء كثير، والله أعلم. وقوله: {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} ظرف لـ {أَسْكَنْتُ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015