وراء هنا بمعنى بعد، ومنه قول النابغة:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيْبَةً ... وَلَيْس وَرَاءَ الله لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ
أي: ليس بعد الله، ومثله قوله: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}؛ أي: ومن بعده كذا، قال الفراء: وقيل: {وَمِنْ وَرَائِهِ}؛ أي: من أمامه. قال أبو عبيد هو من أسماء الأضداد، ومنه قول الشاعر:
وَمِنْ وَرَائِكَ يَوْمٌ أَنْتَ بَالِغُهُ ... لاَ حَاضِرٌ مُعْجِزٌ عَنْهُ وَلاَ بَادِيْ
وقال ثعلب: هو اسم لما توارى عنك، سواء كان خلفك أو قدامك. اهـ.
{صَدِيدٍ}: هو ما يسيل من جوف أهل النار مختلطًا بالقيح والدم. وقال محمد بن كعب القرظي: هو ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر.
{يَتَجَرَّعُهُ}؛ أي: يكلف (?) على جرعه وبلعه مرة بعد مرة، وتجرع من باب تفعل الخماسي، وفيه احتمالات:
أحدها: أنه مطاوع جرعته بالتشديد، نحو علمته فتعلم.
والثاني: أن يكون للتكلف نحو تحلم؛ أي: يتكلف جرعه، ولم يذكر الزمخشري غيره. ومعنى التكلف أن الفاعل يتعافى ذلك الفعل ليحصل بمعاناته، كتشجع، إذ معناه: استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل. ذكره في "روح البيان".
والثالث: أنه دال على المهلة نحو تفهمته؛ أي: يتناوله شيئًا فشيئًا بالجرع، كما يتفهم شيئًا فشيئًا بالتفهيم.
والرابع: أنه بمعنى جرعه المجرد نحو: عدوت الشيء وتعديته. اهـ. "سمين".
{وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}؛ أي: ولا يقارب أن يسيغه فضلًا عن الإساغة، بل يغض به، والسواغ انحدار الشراب في الخلق بسهولة وقبول نفس، يقال: ساغ