والأولى (?) أن يقال: إن المراد إن الذين صدقوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وصاروا من جملة أتباعه، وكأنه سبحانه أراد أن يبين أن (?) حال هذه الملة الإسلامية، وحال من قبلها من سائر الملل، يرجع إلى شيء واحد، وهو: أنّ من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، استحقّ ما ذكره الله من الأجر، ومن فاته ذلك فاته الخير كلّه، والأجر دقّه وجلّه، والمراد بالإيمان ها هنا هو ما بينه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قوله لمّا سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان، فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره» ولا يتصف بهذا الإيمان إلا من دخل في الملة الإسلامية، فمن لم يؤمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ولا بالقرآن فليس بمؤمن، ومن آمن بهما صار مسلما مؤمنا، ولم يبق يهوديا، ولا نصرانيا، ولا مجوسيا.

اه. من الشوكاني.

وقيل المعنى (?): إن الذين آمنوا بالأنبياء الماضين قبل مبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم، كبحيرا الراهب، وورقة بن نوفل، وقسّ بن ساعدة، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، ووفد النجاشي، وغيرهم {وَالَّذِينَ هادُوا}؛ أي: تهودوا وصاروا يهود من هاد إذا دخل في اليهودية، ويهود إما عربي من هاد إذا تاب، سموا بذلك حين تابوا من عبادة العجل، وخصّوا به، لما كانت توبتهم توبة هائلة، وإما معرب من يهوذا بالذال المعجمة اسم أكبر أولاد يعقوب عليه السلام، فقلبتها العرب دالا مهملة. وقيل: إنما سمي اليهود يهودا؛ لأنهم إذا جاءهم رسول، أو نبيّ هادوا إلى ملكهم فدلّوه عليه فيقتلونه {وَالنَّصارى} جمع (?) نصران، كندامى جمع ندمان، سمّوا بذلك؛ لأنهم نصروا المسيح عليه السلام؛ أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها: ناصرة، فسموا باسمها، أو لاعتزائهم إلى نصرة، وهي قرية كان ينزلها عيسى عليه السلام، والمعنى؛ أي: والذين كانوا على الدين المحرّف الباطل الذي كان لليهود والنصارى {وَالصَّابِئِينَ}؛ أي: الخارجين من دين إلى دين، وهم قوم من اليهود، أو النصارى صبئوا من دينهم. وقرأ نافع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015