الكتاب الذي أعجز البشر قاطبةً أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، والمراد بشهادة الله تعالى: إظهار المعجزات الدالة على صدقه في دعوى الرسالة {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}؛ أي: وكفى شهيدًا بيني وبينكم من عنده علم الكتاب السماوي، وهم من أسلم من أهل الكتابين التوراة والإنجيل كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار وسلمان الفارسي وتميم الداري وآصف بن برخيا، فكل من كان عالمًا بالتوراة والإنجيل علم أن محمدًا مرسل من عند الله تعالى. وقد كان المشركون من العرب يسألون أهل الكتاب ويرجعون إليهم، فأرشدهم الله سبحانه في هذه الآية إلى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك. وقيل: المراد (?) بالكتاب القرآن، ومن عنده علم منه هم المسلمين. وقيل: المراد من عنده علم اللوح المحفوظ، وهو الله سبحانه وتعالى، واختار هذا الزجاج. وقال: لأن الأشبه أن الله لا يستشهد على خلقه بغيره.

و {مَنْ} في قراءة (?) الجمهور في موضع خفض عطفًا على لفظ {الله}، أو موضع رفع عطفًا على موضع {الله}؛ إذ هو في مذهب من جعل الباء زائدة فاعل بكفى. وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون في موضع رفع الابتداء، والخبر محذوف تقديره: أعدل وأمضى قولًا، ونحو هذا مما يدل عليه لفظة {شَهِيدًا} ويراد بذلك الله تعالى. وقرىء شذوذًا (?): {بمن} بدخول الباء على {من} عطفًا على {بِاللهِ}. وقرأ علي وأبيّ وابن عباس وعكرمة وابن جبير وعبد الرحمن بن أبي بكرة والضحاك وسالم بن عبد الله بن عمر وابن أبي إسحاق ومجاهد والحكم والأعمش: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} بجعل {من} حرف جر وجر ما بعده به، وارتفاع {علم} بالابتداء، والجار والمجرور في موضع الخبر. وقرأ علي أيضًا وابن السميقع والحسن بخلاف عنه: {وَمَنْ عِنْدَهُ} بجعل {من} حرف جر، {علِم الكتاب} بجعل {عُلِمَ} فعلًا ماضيًا مبنيًّا للمفعول، و {الكتاب} رفع به. وقرىء شذوذًا أيضًا: {ومِنْ عندِه} بحرف جر، {عُلِّم الكتاب} مشددًا مبنيًّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015