قوله: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا}؛ أي: هلاكًا وعذابًا {فَلَا مَرَدَّ لَهُ}؛ أي: فلا راد له عنهم؛ أي: لم تغن المعقبات شيئًا، فلا راد لعذاب الله ولا ناقض لحكمه؛ أي: وإذا أراد الله بقوم سوءًا من مرض وفقر ونحوهما من أنواع البلاء بما كسبت أيديهم حين أخذوا في الأسباب التي تصل بهم إلى هذه الغاية، فلا يستطيع أحد أن يدفع ذلك عنهم، ولا يرد ما قدره لهم. وفي هذا إيماء إلى أنه لا ينبغي الاستعجال بطلب السيئة قبل الحسنة، وطلب العقاب قبل الثواب، فإنه متى أراد الله ذلك وأوقعه بهم فلا دافع له.

والخلاصة: أنه ليس من الحكمة في شيء أن يستعجلوا ذلك، ولما (?) كان سياق الكلام في الانتقام من العصاة اقتصر على قوله: {سُوءًا} وإلا فالسوء والخير إذا أراد الله تعالى شيئًا منها .. فلا مرد له، فذكر السوء مبالغة في التخويف.

{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ}؛ أي: وما لهؤلاء القوم الذين أراد الله هلاكهم من دون الله سبحانه وتعالى {مِنْ وَالٍ}؛ أي: وال يلي أمورهم، فيجلب لهم النفع ويدفع عنهم الضر، فالآلهة التي اتخذوها لا تستطيع أن تفعل شيئًا من ذلك، ولا تقدر على دفع الأذى عن نفسها فضلًا عن دفعه عن غيرها. والوالي من أسمائه تعالى، وهو من ولي الأمور وملك الجمهور، والولاية: تنفيذ القول على الغير شاء الغير أم لا، ولله در الأعرابي الذي رأى صنمًا يبول عليه الثعلب، فثارت به حميته، فأمسكه وكسره إربًا إربًا، وقال:

أَرَبٌّ يَبُوْلُ الثُّعْلُبَانُ بِرَأْسَهَ ... لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ

وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015