وأقل مدة الحمل ستة أشهر، وغالبه تسعة أشهر، وأكثره أربع سنين عند الشافعي وخمس سنين عند مالك. وفي "إنسان العيون" (?) وقع الاختلاف في مدة حمله - صلى الله عليه وسلم -، فقيل: بقي في بطن أمه تسعة أشهر كاملًا، وقيل: عشرة أشهر، وقيل: ستة أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، فيكون ذلك آية، كما أن عيسى عليه السلام ولد في الشهر الثامن كما قيل به مع نص الحكماء على أن من يولد في الشهر الثامن لا يعيش، بخلاف التاسع والسابع والسادس الذي هو أقل مدة الحمل.
وقد قال الحكماء في بيان سبب ذلك (?): أن الولد عند استكماله سبعة أشهر تحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته في الشهر السادس، فإن خرج عاش، وإن لم يخرج استراح في البطن عقيب تلك الحركة المضعفة له، فلا يتحرك في الشهر الثامن، لذلك تقل حركته في البطن في ذلك الشهر، فإذا تحرك للخروج وخرج، فقد ضعف غاية الضعف، فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه، وعلى فرض أن يعيش يكون مغلولًا لا ينتفع بنفسه، وذلك لأن الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس، وهو طبع الموت. والأرحام: جمع رحم، وهو مبيت للولد في البطن ووعاؤه. واعلم أن رحم المرأة عضلة وعصب وعروق، ورأس عصبها في الدماغ، وهي على هيئة الكيس، ولها فم بإزاء قبلها، ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة، وفيها قوة الإمساك لئلا ينزل من المني شيء. وقد أودع الله تعالى في ماء الرجل قوة الفعل، وفي ماء المرأة قوة الانفعال، فعند الامتزاج يصير مني الرجل كالأنفحة الممتزجة باللبن.
{وَكُلُّ شَيْءٍ} من الأشياء التي من جملتها الأشياء المذكورة من الزيادة والنقصان، وخروج الولد والمكث {عِنْدَهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: في علمه {بِمِقْدَارٍ}؛ أي: مقدر بقدر وحدٍّ لا يجاوزه ولا ينقص عنه لقوله تعالى: {إِنَّا