{وَلِكُلِّ قَوْمٍ}؛ أي: ولكل أمة من الأمم {هَادٍ} لهم إلى سبيل الخير؛ أي: نبي له هداية مخصوصة، وشريعة لائقة بهم مخصوص (?) بمعجزة من جنس ما هو الغالب عليهم، يهديهم إلى الحق ويدعوهم إلى الصواب. ولما كان الغالب في زمان موسى هو السحر جعل معجزته ما هو أقرب إلى طريقهم. ولما كان الغالب في أيام عيسى الطب جعل معجزته ما يناسب الطب؛ وهو إحياء الموتى وإبراء الأبرص والأكمه. ولما كان الغالب في زمان نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - الفصاحة والبلاغة جعل معجزته فصاحة القرآن، وبلوغه في باب البلاغة إلى حدّ خارج عن قدرة الإنسان، فإذا لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع كونها أقرب إلى طريقهم وأليق بطباعهم، فبأن لا يؤمنوا عند إظهار سائر المعجزات أولى. أو المراد بالهادي: هو الله تعالى؛ أي: إنما أنت منذر، وليس لك هدايتهم ولكل قوم من الفريقين هاد يهديهم: هادٍ لأهل العناية بالإيمان والطاعة إلى الجنة، وهاد لأهل الخذلان بالكفر والعصيان إلى النار. وهذا القول الأخير مروي (?) عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة والضحاك والنخعي.

والمعنى: إنما عليك الإنذار يا محمَّد، والهادي هو الله تعالى يهدي من يشاء. والقول الأول مروي عن عكرمة في رواية أبي الضحى، والمعنى عليه: إنما أنت منذر وأنت هادٍ.

وحاصل المعنى: أي ولكل أمة قائد يدعوهم إلى سبيل الخير فطره الله تعالى على سلوك طريقه بما أودع فيه من الاستعداد له بسائر وسائله، وقد شاء أن يبعث هؤلاء الهداة في كل زمان كي لا يترك الناس سدى، وأولئك هم الأنبياء الذين يرسلهم لهداية عباده، فإن لم يكونوا فالحكماء والمجتهدون الذين يسيرون على سننهم ويقتدون بما خلفوا من الشرائع وفضائل الأخلاق وحميد الشمائل، ويؤيده - صلى الله عليه وسلم -: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

ووقف ابن كثير (?) على {هَادٍ} و {واقٍ} حيث وقعا، وعلى {وَالٍ} هنا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015