لم تنقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.

وخلاصة ذلك (?): أن أولئك الإخوة العشرة بعد أن انتهى كبيرهم من استعطاف العزيز وعدم جدوى ما فعل .. غادر كل منهم رحله، وانضم بعضهم إلى بعض، وأدنى رأسه من رأسه، وأرهفوا آذانهم للنجوى.

والمعنى: فلما أيسوا من يوسف أن يجيبهم لما سألوه، وقيل: أيسوا من أخيهم أن يرد عليهم .. خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون ليس فيهم غيرهم {قَالَ كَبِيرُهُمْ} في السن وهو روبيل، أو في العقل وهو يهوذا، أو رئيسهم وهو شمعون، وكانت له الرياسة على إخوته كأنهم أجمعوا عند التناجي على الانقلاب والرجوع إلى أبيهم جملة، ولم يرض ذلك، فقال منكرًا عليهم: {أَلَمْ تَعْلَمُوا} والاستفهام فيه للتقرير؛ أي: قال كبيرهم قد علمتم أيها القوم يقينًا {أنَّ أَبَاكُمْ} يعقوب {قَدْ أَخَذَ} وجعل {عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} تعالى؛ أي: عهدًا مؤكدًا باليمين من الله لتردنه إليه إلا أن يحاط بكم، وقد رأيتم كيف تعذر ذلك عليكم، وكونه من الله لإذنه فيه.

والجار والمجرور في قوله: {وَمِنْ قَبْلُ}؛ أي: ومن قبل هذا متعلق بـ {فَرَّطْتُم} الآتي، و {مَا} في قوله: {مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} زائدة؛ أي: ومن (?) قبل أخذكم العهد في شأن بنيامين قصرتم في شأن يوسف، ولم تفوا بوعدكم على النصح والحفظ له، أو مصدرية عطفًا على مفعول {تَعْلَمُوا}؛ أي: ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقًا من الله وتفريطكم السابق في شأن يوسف، أو ترككم ميثاقه في حق يوسف، أو موصولة عطفًا على مفعول {تَعْلَمُوا} أيضًا؛ أي: ألم تعلموا أخذ أبيكم موثقًا من الله في شأن بنيامين، والذي قدمتموه في حق يوسف من الخيانة العظيمة من قبل تقصيركم في بنيامين، وكيف أن أباكم قد قاسى من أجله من الحزن ما قاسى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015