فيما بيننا؛ أي: مثل (?) هذا الجزاء الأوفى نجزي الظالمين بالسرقة، قالوا ذلك ثقة بكمال برائتهم منها، وهم عما فعل بهم غافلون، وهذا تأكيد منهم بعد تأكيد لثقتهم ببراءة أنفسهم. وهذه الجملة (?) من بقية كلام إخوة يوسف، وقيل: من كلام أصحاب يوسف جوابًا لقول إخوته ذلك، فردوا لتفتيش أوعيتهم إلى يوسف عليه السلام من المكان (?) الذي لحقهم فيه جماعة الملك، وتقدم أنهم وصلوا إلى خارج مصر، وقيل: إلى بلبيس. اهـ. "شيخنا".
76 - {فَبَدَأَ} يوسف بعد ما رجعوا إليه {بِأَوْعِيَتِهِمْ}؛ أي: بتفتيش أوعية الأخوة العشرة التي تشتمل عليها رحالهم {قَبْلَ} تفتيش {وِعَاءِ أَخِيهِ} الشقيق بنيامين؛ لنفي التهمة وابتعادًا عن الشبهة بطريق الحيلة. روي أنه لما بلغت النوبة إلى وعائه .. قال: ما أظن هذا أخذ شيئًا، فقال إخوة يوسف: والله لا نتركك حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا. وقرأ الحسن: {من وعاء} - بضم الواو - وجاء كذلك عن نافع. وقرأ ابن جبير: {من إعاء} - بإبدال الواو المكسورة همزة - كما قالوا إشاح وإسادة في وشاح ووسادة، وذلك مطرد في لغة هذيل يبدلون من الواو المكسورة الواقعة أولًا همزةً وهاتان القراءتان شاذتان.
وأنث الضمير الراجع إلى الصواع في قوله: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} نظرًا لمعنى السقاية، أو لكون الصواع يذكر ويؤنث؛ أي: ثم بعد أن فرغ يوسف من تفتيش أوعيتهم فتش وعاء أخيه، فاستخرجها {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ}؛ أي: أخرج الصواع والسقاية من رحل أخيه بنيامين، فقال له فرَّجك الله كما فرجتني.
فلما وجد الصاع مدسوسًا في رحل بنيامين (?)، واستخرج منه نكسوا رؤوسهم وانقطعت ألسنتهم، فأخَذوا بنيامين مع ما معه من الصواع، وردوه إلى يوسف، وأخذوا يشتمونه بالعبرانية، وقالوا له: يا لص ما حملك على سرقة صاع الملك، ولا يزال ينالنا منك بلاء كما لقينا من ابن راحيل، فقال بنيامين: بل ما