والعناية التي خصه بها.
قال المفسرون (?): لما دخل إخوة يوسف على يوسف عليه السلام .. قالوا: أيها الملك هذا أخبرنا الذي أمرتنا أن نأتيك به، فقد جئناك به، فقال لهم: أحسنتم وأصبتم، وستجدون ذلك عندي، ثم أنزلهم وأكرم نُزلهم، ثم إنه أضافهم وأجلس كل اثنين على مائدة، فبقي بنيامين وحيدًا، فبكى وقال: لو كان أخي يوسف حيًّا .. لأجلسني معه، فقال لهم يوسف عليه السلام، لقد بقي هذا وحده، فقالوا: كان له أخ، فهلك. قال لهم: فأنا أجلسه معي، فأخذه فأجلسه معه على مائدته، وجعل يؤاكله، فلما كان الليل أمرهم بمثل ذلك، وقال كل اثنين منكم ينامان على فراش واحد، فبقي بنيامين وحده، فقال يوسف: هذا ينام عندي على فراشي، فنام بنيامين مع يوسف على فراشه، فجعل يوسف يضمه إليه، ويشمّ ريحه، ويشمّ ريح أبيه منه حتى أصبح، فلما أصبح قال لهم: إني أرى هذا الرجل وحيدًا ليس معه ثان، وسأضمه إلي فيكون معي في منزلي، ثم إنه أنزلهم وأجرى عليهم الطعام، فقال رويبل: ما رأينا مثل هذا قط، فلما خلا به .. قال له يوسف: ما اسمك؟ قال: بنيامين. قال: وما بنيامين؟ قال: ابن المشكّل، وذلك أنه لما ولدته أمه هلكت. قال: وما اسم أمك؟ قال: راحيل بنت لاوى. قال: فهل لك من ولد؟ قال: لي عشرة بنين. قال: فهل لك من أخ لأمك؟ قال: كان لي أخ، فهلك. قال يوسف: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ قال بنيامين: ومن يجد أخًا مثلك أيها الملك، ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل، فبكى يوسف عليه السلام، وقام إليه وعانقه و {قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ} يوسف الذي فقدتموه صغيرًا {فَلَا تَبْتَئِسْ}؛ أي: فلا تحزن، وقال أهل اللغة: تبتئس تفتعل من البؤس؛ وهو الضرر والشدة، والابتئاس: اجتلاب الحزن والبؤس؛ أي: فلا تحزن ولا تتأسف {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} بنا فيما مضى من الضرر والأذى، فإن الله تعالى قد أحسن إلينا وجمع بيننا بخير؛ أي: فلا تلتفت إلى ما صنعوه بنا فيما تقدم من أعمالهم المنكرة، ولا يلحقن بك بعد الآن بؤس؛ أي: مكروه ولا شدة