وقد اختلف العلماء فيمن عرف بالإصابة بالعين، فقال قوم: يمنع من الاتصال بالناس دفعًا لضرره بحبس أو غيره من لزوم بيته. وقيل: ينفى، وأبعد من قال إنه يقتل إلا إذا كان يتعمد ذلك، وتتوقف إصابته على اختياره وقصده ولم ينزجر عن ذلك، فإنه إذا قتل كان له حكم القاتل.
ثم صرّح يعقوب عليه السلام بأنه لا حكم إلا لله سبحانه وتعالى، فقال: {إِنِ الْحُكْمُ}؛ أي: ما الحكم مطلقًا {إِلَّا لِلَّهِ} سبحانه وتعالى لا لغيره، ولا يشاركه أحد ولا يمانعه شيء، فلا يحكم أحد سواه بشيء من السوء وغيره {وَعَلَيْهِ} سبحانه وتعالى لا على غيره {تَوَكَّلْتُ}؛ أي: اعتمدت في كل ما آتي وأذر. وفي هذا (?) إيماء إلى أن الأخذ في الأسباب ومراعاة اتباعها لا ينافي التوكل. وقد جاء في الخبر: "اعقلها وتوكل".
{وَعَلَيْهِ} سبحانه وتعالى دون أحد سواه {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} على العموم، لا على أمثالهم من المخلوقين، ولا على أنفسهم، ويدخل فيه أولاده دخولًا أوليًّا؛ أي: فليثق الواثقون. والفاء (?) فيه لإفادة التسبب، فإن فعل الأنبياء سبب لأن يقتدى بهم. وقال البيضاوي: جمع (?) بين الحرفين في عطف الجملة على الجملة لتقدم الصلة للاختصاص كأن الواو للعطف والفاء لأفادة التسبب فإن فعل الأنبياء سبب لأن يقتدى بهم، انتهى. فعلى كل مؤمن أن يتخذ لكل أمر يقدم على عمله العدة، ويهيىء من الأسباب ما يوصل إليه على قدر طاقته، ثم بعد ذلك يكل أمر النجاح فيه إلى الله تعالى، ويطلب منه التوفيق والمعونة في إنجازه، فقد يكون من الأسباب ما يخفى عليه، أو ما لا تصل إليه يده.
68 - {وَلَمَّا دَخَلُوا}؛ أي: ولما دخل أخوة يوسف المدينة {مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ}؛ أي: من المكان في أمرهم أبوهم الدخول منه، وهي الأبواب المتفرقة، والجار (?) والمجرور في موضع الحال؛ أي: دخلوا متفرقين {مَا كَانَ}