واختار الزجاج هذا المعنى.
66 - {قَالَ} لهم أبوهم يعقوب {لَنْ أُرْسِلَهُ}؛ أي: أخاكم بنيامين، ولن أطلقه معكم إلى مصر بعد ما عاينت منكم ما عاينت {حَتَّى تُؤْتُونِ}؛ أي: حتى تعطوني {مَوْثِقًا}؛ أي: عهدًا مؤكدًا باليمين مأذونًا فيه {مِنَ} جهة {اللَّهِ} تعالى؛ لأن توكيد العهود به مأذون فيه من جهته تعالى، فهو إذن منه تعالى. وقوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} جواب القسم، والاستثناء في قوله: {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}؛ أي: إلا أن تغلبوا، فلا تطيقوا ذلك، أو إلا أن تهلكوا جميعًا من أعم الأوقات، والمعنى: لن أرسله معكم حتى تحلفوا بالله تعالى لترجعن به ولتردنه إليَّ في كل الأوقات إلا وقت الإحاطة بكم، وكونهم (?) محاطًا بهم؛ إما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على الإتيان به البتة، أو كناية عن هلاكهم وموتهم جميعًا، وأصله من العدو، فإن من أحاط به العدو يصير مغلوبًا عاجزًا عن تنفيذ مراده، أو هالكًا بالكلية، ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم: البلاء موكل بالمنطق، فإن يعقوب عليه السلام قال أولًا في حق يوسف عليه السلام: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فابتلي من ناحية هذا القول حيث قالوا: {أَكَلَهُ الذِّئْبُ}، وقال هنا: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} فابتلي أيضًا بذلك، وأحيط بهم، وغلبوا عليه كما سيأتي. وقوله {فَلَمَّا آتَوْهُ}؛ أي: أعطوه {مَوْثِقَهُمْ}؛ أي: عهدهم ويمينهم في طلبه منهم قبله حذف تقديره: فأجابوه إلى ما طلبه، فلما آتوه موثقهم .. {قَالَ} يعقوب: {الله} سبحانه وتعالى {عَلَى مَا نَقُولُ}؛ أي: على ما قلناه من طلبي الموثق منكم، وإعطائكم لي ما طلبته منكم {وَكِيلٌ}؛ أي: مطلع رقيب لا يخفى عليه منه خافية، فهو المعاقب لمن خان في عهده وفجر في الحلف به، أو موكول إليه القيام بما شهد عليه منا.
ولما تجهَّز (?) أولاد يعقوب للمسير إلى مصر .. خاف عليهم أبوهم أن تصيبهم العين لكونهم كانوا ذوي جمال ظاهر وثياب حسنة مع كونهم أولاد رجل