بنيامين، وإلا فقد منع منه الكيل. واختار (?) أبو عبيد القراءة الأولى، قال: ليكونوا كلهم داخلين فيمن يكتال، وزعم أنه إذا كان بالياء كان للأخ وحده؛ أي: يكتال أخونا بنيامين لنفسه مع اكتيالنا.
64 - وجملة قوله: {قَالَ} يعقوب {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ} مستأنفة في جواب سؤال مقدر، والاستفهام فيه إنكاري، بمعنى النفي، والكاف في قوله: {إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}: نعت مصدر محذوف، وآمن: فعل مضارع، والأمن والائتمان بمعنى واحد، والاستفهام فيه إنكاري؛ أي: (?) قال لهم يعقوب عليه السلام: كيف آمنكم علي بنيامين، وقد فعلتم بأخيه يوسف ما فعلتم، وأنكم ذكرتم مثل هذا الكلام بعينه في يوسف، وضمنتم لي حفظه، فما فعلتم، فإذا لم يحصل الأمن والحفظ هناك، فكيف يحصل ما ههنا؟ فأنتم لا يوثق لكم بوعد، ولا يطمأن منكم إلى عهد، فما أشبه الليلة بالبارحة.
والمعنى (?): ما أمنكم علي بنيامين إلا أمنًا كأمني إياكم على أخيه يوسف من قبل بنيامين، وقد قلتم في حقه ما قلتم، ثم فعلتم به ما فعلتم، فلا أثق بكم ولا بحفظكم، وإنما أفوض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى. وقوله: {فَاللَّهُ} سبحانه وتعالي {خَيْرٌ} مني ومنكم من جهة كونه {حَافِظًا} لبنيامين مرتب على محذوف تقديره: فتوكل يعقوب على الله ودفعه إليهم، فقال: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} من أهل السموات والأرضين، فأرجو أن يرحمني بحفظه، ولا يجمع علي مصيبتين، وهذا كما ترى ميل منه إلى الإذن والإرسال؛ لما رأى فيه من المصلحة وشدة الحاجة إلى ذلك؛ ولأنه لم ير فيما بينهم وبين بنيامين من الحقد والحسد مثل ما شاهد بينهم وبين يوسف. وفيه من التوكل على الله ما لا خفاء فيه. قال كعب: لما قال يعقوب: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} قال الله تعالى: وعزتي لأردن عليك كليهما بعدما توكلت علي، فينبغي أن يتوكل على الله، ويعتمد على حفظه دون حفظ ما سواه، فإن ما سواه محتاج في حفظه إلى الأسباب والآلات، والله تعالى غني بالذات مستغن من الوسائط في كل الأمور،