أبو حيان (?): والجمهور على أنه من عَصَر النباتَ كالعنب، والقصب، والفجل، وجميع ما يعصر، ومصر بلد عصير لأشياء كثيرة، والحلب منه, لأنه عَصْرٌ للضروع. وروي أنهم لم يَعْصِرُوا شيئًا مدة الجدب، انتهى. وهذا مِن (?) مدلولات المَنام, لأنه لما كانت العجاف سبعًا دَلَّ ذلك على أنَّ السِّنينَ المجدبة لا تزيدُ على هذا العدد.
فالحاصلُ بعده: هو الخِصبُ على العادة الإلهية حيث يُوسِّع الله سبحانه وتعالى على عباده بعد تضييقه عليهم. وقيل: إنَّ الإنباءَ بهذا العام زَائِدٌ على تأويل الرؤيا, ولم يعرفه يوسف على التخصيص والتفصيل إلَّا بِوَحي من الله عَزَّ وَجَلَّ. وقرأ (?) الأخوان حمزة، والكسائي: {تعصرون} بالتاء على الخطاب، وباقي السبعة بالياء على الغيبة. وقَرأ جعفر بن محمَّد، والأعرج، وعيسى البصرة: {يُعصَرون} بضم الياء، وفتح الصاد مبنيًّا للمفعول. وعن عيسى أيضًا: {تعصرون} بالتاء على الخطاب مبنيًّا للمفعول، ومعناه: يُنْجَونَ من عصره إذا أنجاه، وهو مناسب لقوله: {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ}. وحكى النقاش أنه قُرِىء: {يعصرون} بضم الياء وكسر الصاد، وشدِّها من عَصَّر مشددًا للتكثير. وقرأ زيد بن علي: {وفيه تعصرون} بكسر التاء، والعين، والصاد، وشدها وأصلُه تعتصرون فأدغم التاء في الصاد، ونقَلَ حركتها إلى العين، وأتبع حركة التاءِ لحركة العين، واحتمل أن يكونَ من اعتصر العنبَ، ونحوَه، ومن اعتصر بمعنى نجا.
50 - فلما رجع الساقي إلى المَلِك وأخْبَره بما ذكره يوسف استَحْسَنَه المَلِك {وَقَالَ الْمَلِكُ}؛ أي: ملك مصر، وهو رَيَّان بن الوليد {ائْتُونِي بِهِ}، أي: جيئوني بيُوسُفَ عليه السلام كي أستمع كَلاَمَه مِنْ فمه، وأعْرِفُ دَرَجَة عَقْلِهِ، وأعلم تفضيلَ رَأْيِهِ {فَلَمَّا جَاءَهُ}؛ أي: يوسف {الرَّسُولُ}؛ أي: رسول الملك، وهو الساقي، وبلغه أمر الملك، وطلب إليه إنفاذه {قَالَ} يوسف للرسول {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ}؛ أي: سيدك قبل شخوصي إليه، ومثولي بَيْنَ يديه {فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} والبَالُ هو (?) الأمر الذي