قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا ...} الآيتين، مناسبتُهما لما قبلهما: أنَّ يُوسُفَ (?) لمَّا أَلْقَى إليهما ما كان أهم وهو أمر الدين رجاء في إيمانهما .. ناداهما ثانيًا لتجتمع أنفسهما لسماع الجواب.
قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ...} الآيات، مناسبتُها لما قبلها: أنه لما دنا فَرَج يُوسُفَ عليه السلام .. رأى ملك مصر الريان بن الوليد رُؤيا عجيبةً هالته فرأى سبع بقراتٍ سمانٍ, الخ.
التفسير وأوجه القراءة
36 - {وَدَخَلَ مَعَهُ}؛ أي: مع يوسف {السِّجْنَ فَتَيَانِ}، وفي الكلام (?) حذفٌ تقديره: فسجنوه فدخلَ معه السجنَ غلامان. و (مع) تدلُّ على الصحبة واستحداثِها، فدلَّ على أنهم سَجَنُوا الثَّلاثَةَ في ساعةٍ واحدةٍ. ولمَّا دخل يُوسُفُ السِّجنَ، استمالَ النَّاس بحسن حديثه وفضله ونَبْلِهِ.
وكان يسلِّي حَزِينَهم، ويعود مريضَهم، ويسأل لفقيرهم، ويندبهم إلى الخير، فأَحبَّه الفتيان، ولزماه، وأحبَّه صاحب السجن، والقيِّمُ عليه، وقال له: كُنْ في أيِّ البيوت شئت، فقال له يوسف: لا تحبَّني يرحمك الله، فلقد أدخلت عليَّ المحبة مضرات أحبتني عمتي فامتحنت بمحبتها، وأحبَّني أَبي، فامتحِنت بمحبته، وأحبَّتنِي امرأة العزيز، فامتحنت بمحبتها بما ترَى.
وكان يوسف عليه السلام قد قال لأهل السجن: إنَّي أُعبِّر الرؤيا، وأُجيدُ - أي: ودخل (?) معه السجنَ غلامان مملوكان مِنْ غلمان ملك مصر الأعظم، وهو الريَّانُ بن الوليد بن نَزْوَانَ العِملِيقِ، أحدهما خَبَّازه، وصاحب طعامه، والآخرُ سَاقِيه، وصاحب شرابه، وكان قد غَضِبَ عليهما المَلِكُ فحبسهما. وكان السَّببُ في ذلك أنَّ جماعةً من أشراف مصر أرادوا المَكْرَ بالمَلِكِ واغتياله، وقتله،