لما قبلها: أن الله سبحانه (?) وتعالى لمَّا ذكر مكْر النسوة بامرأة العزيز لتريهن يوسف، ثم مكر امرأةِ العزيز بهن حتى قَطَعْنَ أيدِيَهُنَّ، وقلنَ في يوسف ما قلنَ من وصف جماله، ثم إظهارُ امرأة العزيز المعذرةَ لنفسها، فيما فعلتْ وعزمَها على سجنه إن لم يكن مطواعًا لها، ثمَّ حمايةُ الله له من كيدها بعد دعائه إياه، ثم تدبيرُ مُؤَامرة بين العزيز وامرأته وأهلها على إدخاله السجن، مع كل ما رَأوا من الآياتِ حتى ينسَى الناس هذا الحديث، وتَسكُن تلك الثائرة في المدينة .. ذَكَرَ هنا تَنْفِيذهم لما عزموا عليه من إدخالهم إياه السجن، وما كان من لطف الله به، إذ آتاه من علم تعبير الرؤيا ما يستطيع به أن يُعَبِّرَ لكل حالمٍ عمّا يراه، ويُخْبرَ كلَّ أحد عما يسأله عنه، مما لم يكن حاضرًا لديه، وما سيأتي له من طعام، وشراب، ونحوِ ذلك. ثمَّ ذكَر قولَ يُوسُفَ إنَّ هذا كلَّه نعمة من نعم الإيمان بالله عليه وعلى آبائه إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ.

قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن (?) يوسف لمّا ذَكَرَ ما هو عليه من الدين الحنيفي .. تلطَّفَ في حُسْنِ الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفَتَيين من عبادة الأصنام فَنَاداهما باسم الصحبة في المكانِ الشَّاقِّ الذي تَخْلُص فيه المودةُ، وتتمحض فيه النصيحةُ.

وعبارة المراغي هنا (?): بعد أن أبطلَ يوسف عليه السلام ما هما عليه من الشرك فيما سَلَفَ، وذكر أنه قد اتبعَ ملةَ آبائه إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب, وبيَّن أنَّ هذا فضلٌ من الله تعالى، ومنة منه عليهم، وعلى سائر الناس، وكثير من الناس لا يشكرون الخالقَ، لهذه النعم، فيعبدوه وحده دون أن يشركوا به شيئًا .. دَعَاهُما إلى التوحيد الخالص، وأيدَهُ يالبرهان الذي لا يَجدُ العقل محيصًا من التسليم به، والإقرار بصحته قال: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)} الآيتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015