ملك تمثَّلَ في تلك الصورة البديعة، التي تخبل العقولَ، وتدهِشُ الأبصارَ.
رُوِيَ عن زيد بن أسلم من مفسِّري السلف: أعطَتْهُنَّ أُتْرُنْجًا "ثمر من نوع الليمون الحامض كبيرٌ مستطيلٌ يؤكَلَ بعد إزالة قشرته" وعسلًا فكن يحززنَ بالسكين ويأكلنه بالعسل، فلَمَّا قيل له: اخرج عَلَيْهِنَّ خَرَجَ، فلما رأينَه أعظمنه، وتَهَيَّمْنَ به حتى جعلن يحززن أيْدِيَهُن بالسكين، وفيها الترنجُ، ولا يعقلنَ ولا يحسبنَ، إلا أنهن يحززن الأترنج، قد ذهبَتْ عقولهن مما رأينَ، وقلْنَ حاش لله ما هذا بشرًا؛ أي: ما هكذا يكون البشرُ ما هذا إلا ملك كريم. وقرأ (?) الزهري، وأبو جعفر، وشيبة: {متَّكى} مشددَ التَّاءِ من غير همز على وزن متقى، فاحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن يكون من الاتكاء، وفيه تخفيفُ الهمز كما قالوا في توضأت: توضيتُ.
والثاني: أن يَكُونَ مفتعلًا من أوكيت السقاءَ إذا شددتَه؛ أي: ما يشتددنَ عليه إما بالاتكاء، وإما بالقطع بالسكين. وقرأ الأعرج: {مُتْكًا} بوزن مفعلًا من تكأَ يَتْكَأَ إذا اتَّكَأَ. وقرأ الحسن، وابن هرمز: {متكاءً} بالمد والهمز وهو مفتعل من الاتكاء إلا أنه أشبع الفتحة فتولَّدَتْ منها الألفُ كما قال الشاعر:
أُعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الْعَقْرَابِ ... الشَّائِلاَتِ عُقَدَ الأَذْنَابِ
وقرأ ابن عباسَ، وابن عمر، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والجحدري، والكلبي، وأبان بن تغلب {مُتْكئًا} بضم الميم وسكون التاء وتنوين الكاف. وجاء كذلك عن ابن هرمز. وقرأ عبد الله، ومعاذ، كذلك إلا أنهما فَتَحَا الميم. وقرأ الجمهور: {حَاشَ لِلَّهِ} بغير ألف بعد الشين، والله بلام الجر. وقرأ أبو عمرو: {حاشا لله} بألف ولام جر. وقرأت فرقة منهم الأعمش: {حَشَى} على وزن رمى، {لله} بلام الجر. وقرأ الحسن: {حاش} بسكون الشين وصلًا، ووقفًا، وبلام الجر. وقرأ أبي وعبد الله: {حاش الله} بالإضافة، وعنهما كقراءة أبي