يشعرن بما عَمِلْنَ، ولا ألِمْنَ لما نالهن من أذى، واستعمال القطع بمعنى الجرح كثير في كلامهم، فيقولون: كنت أقْطَعُ اللحمَ فقطعْتُ يدي، يريدون فأخطأتها، فَجَرحْتُ يدي حتى كدتُ أقطعها.
ولم تقطع (?) زليخَا يديها؛ لأنّ حَالَها انتهت إلى التمكين في المحبة، كأهل النِّهايات، وحال النسوة كانت في مقام التَّلْوين كأهل البِدايات، فلكل مقام تَلَوُّنٌ وتمكنٌ وبداية ونهاية.
{وَقُلْنَ}؛ أي: النِّسْوَةُ {حَاشَ لِلَّهِ}؛ أي: تنزيهًا، وبراءة لله سبحانه وتعالى من كل النقائص. وحَاشَ كلمة وُضِعَتْ موضِعَ المصدر، فمعناه التنزيه، والبراءةُ بدليل قراءة أبي السماك: حاشًا لله بالتنوين واللام لبيان المبرأ، والمنزه كما في {سقيًا لك}. {مَا هَذَا} الغلام {بَشَرًا}؛ أي: ليس هذا آدميًّا مثلنا؛ لأن من الجمالَ غيرُ معهود للبشر {إِنْ} نافية بمعنى ما؛ أي: ما {هَذَا} الغلام {إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} على الله فإن (?) الجمعَ بين الجمال الرائق، والكمال الفائق، والعصمةِ البالغةِ من خواصِّ الملائكة، أو لأنَّ جَمَالَهُ فوقَ جَمَال البشر، ولا يَفُوقه فيه إلا المَلَكُ، وقَصَرْنَهُ (?) على الملكِيَّة مع علمهن أنه بشر؛ لأنَّه ثَبَتَ في النفوس أنه لا أكمل ولا أحسن خلقًا من المَلَك، يعني رَكَزَ في العقول أن لا حيَّ أحسنَ من الملك، كما ركزَ فيها أن لا أقبح مِنَ الشيطان. ولذلك لا يزال يشبَّه بهما كل متناه في الحسن والقبح، وغرضهن وصفه بأقصى مراتب الحسن والجمال.
وروي أنه كان يُوسُفُ إذا مشى في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه، كما يُرى نور الشمس من السماء عليها، وكان يُشْبِهُ آدمَ يوم خلقه ربه؛ وكانت أمه رَاحِيلُ وجدَّتُه سَارَة جميلتين جدًّا.
أي: وقلن على سبيل (?) التعجب والتنزيه لله تعالى، ما صَحَّ أن يكونَ هذا الشخص الذي لم يُعْهَد مثاله في جماله، وعفَّتِه من النوع الإنساني إن هو إلَّا